ابتزاز.. وتسويف


عشية الموعد المقرّر لاجتماع اللجنة النيابية الفرعية الخاص بمناقشة قانون الانتخاب، سرّبت أوساط «تيار المستقبل» وفريق «14 آذار» احتمال مقاطعة الاجتماع والتراجع عن التعهدات التي تمّ تقديمها للرئيس نبيه بري، وبينما تقول بعض المصادر إن التلويح بالمقاطعة هو مناورة سياسية لابتزاز الكتل المنتمية إلى الغالبية النيابية ومحاولة التأثير على جدول الأعمال، أفادت المصادر الدبلوماسية الغربية في بيروت عن تلقي فريق «14 آذار» نصائح أميركية وفرنسية بالتجاوب مع الرئيس بري ودعوته إلى التفاهم على قانون انتخاب جديد ضمن المهل الدستورية.

حسابات «المستقبل» و«14 آذار» حسب المصادر السياسية تنطلق من حقيقة أن قانون الستين وحده هو الصيغة التي ترجّح فوز «المستقبل» وحلفائه بالغالبية النيابية، على الرغم من المؤشرات التي تفيد بأن كتلة الوسط ستبقى بيضة القبان، وهي ستضم بالإضافة إلى نواب جبهة النضال وكتلة ميقاتي النائب إيلي سكاف وكتلته في حال فوزهم مع بعض النواب الذين يمكن احتسابهم في خانة رئيس الجمهورية في حال جرت الانتخابات على قاعدة قانون الستين، وهذا يعني أن صيغة أخرى لقانون الانتخاب لا تضمن «للمستقبل» و«القوات» بصورة خاصة غالبية مضمونة، لا سيما أن الرئيس أمين الجميل يبدو أقرب إلى الوسطية من «14 آذار» في حساباته الانتخابية، ولا تستبعد بعض المصادر حصول تفاهم تحت الطاولة بين الكتائب و«التيار الوطني الحر» يضمن للرئيس الجميل ثلاثة نواب على الأقل.

لهذه الاعتبارات ترجّح المصادر قطع الطريق على ابتزاز «14 آذار» بضغوط واتصالات غربية وسعودية قد تنتهي إلى تكريس صيغة لقانون الانتخاب تقوم على اعتماد مشروع قانون فؤاد بطرس كأرضية مبدئية مع بعض التعديلات، وأن تلقي السعودية ثقلها السياسي والمالي لصالح «المستقبل» و«القوات»، في حين يدعم الفرنسيون والأميركيون مشروع تكوين كتلة وسطية كبيرة قادرة على أن تكون «بيضة القبان» بين 8 و14 آذار، خصوصاً أن تركيبة بطرس المبدئية لا تسمح بحسم النتائج مسبقاً، وتبقي اللعبة رهن صناديق الاقتراع بحيث لا يستطيع أي فريق القول إن القانون العتيد مفصّل على قياس خصومه، في حين أن مشروع الحكومة يمكّن 8 آذار من حصد غالبية مضمونة وقانون الستين يرجح كفّة «14 آذار»، وعلى هذا النحو ستكون «الخرزة الزرقاء» بيد رئيس مجلس النواب نبيه بري لإنتاج معادلة على طريقته الشهيرة «لا يموت الديب ولا يفنى الغنم» بترجيح إحدى وصفاته وحلوله العشرة التي قال إنها جاهزة لديه إذا كانت النيات صافية!

الصيغ الرائجة حول التسويات المحتملة تنطلق من قانون فؤاد بطرس، أي الجمع بين النظام النسبي في دوائر أصغر من المحافظات وأكبر من الأقضية وتطبيق النظام الأكثري على دوائر فردية في كل لبنان، وثمة معلومات شبه مؤكدة عن أن الرئيس نجيب ميقاتي نجح في إقناع كل من فرنسا والولايات المتحدة بدعم هذا التوجّه بدافع تحصين الاستقرار والتوازن الداخلي وعدم تعريض البلد لخضّات كبرى في المرحلة المقبلة وهو ما تحرص عليه واشنطن وباريس اللتين نصحتا سعد الحريري بعدم المغامرة لأن ذلك سيؤدي إلى رد من حزب الله قد يكون صعباً ومكلفاً على الأرض وفي المعادلة السياسية، الأمر الذي ترى فيه واشنطن وباريس تهديداً جدياً لنفوذهما في لبنان و«لإسرائيل» أيضاً.

الاحتمالات المطروحة على طاولة البحث في مراكز التخطيط الغربي بشأن الوضع اللبناني تكمن في إمكانية حصول ردود فعل قاسية من حزب الله، وحلفائه على أي مغامرات تقدم عليها الأطراف المرتبطة بالغرب وأياً كانت احتمالات التطور السياسي والأمني للوضع السوري، وما بات يخشاه المخططون الغربيون بالذات هو حدوث انقلاب كبير في التوازنات السورية لصالح الرئيس بشار الأسد وهو احتمال لم يعد بعيداً، وقد تكون نيتجته في حال ارتكاب حماقات من ناحية «14 آذار» فرض توازن لبناني جديد لشطب نفوذ الغرب نهائياً وهذا ما يثير قلقاً «إسرائيلياً» وأميركياً شديداً.

السابق
حزب الله يفقد أصدقاءه السنّة
التالي
غير قادرين على استيعاب نازحين جدد