طبيب نصّاب.. وجمعية نصّابة.. ومستشفيات بلا رحمة..

طفل في الشهر الخامس عشر من عمره يمرض باستمرار، الاب عامل يومي والام معلمة متعاقدة. الاب غير منتسب الى الضمان الاجتماعي كونه غير مسجل في اي مؤسسة وكذلك الام. اهتدى الابوان – لحل مشكلة ابنهما الصحية الى جمعية التعاضد الصحية وهي جمعية تدخل المرضى غير المنتسبين الى الضمان او اية شركة تأمين، الى المستشفيات على نفقة وزارة الصحة وعلى أسرّة وزارة الصحة على ان تدفع العائلة للجمعية شهريا مبلغ 25000 الف ليرة. ولا تشمل خدمات هذه الجمعية زيارة اية عيادة او الدواء بمعنى انها معنية فقط بعملية ادخال المنتسب اليها عبر اسرّة الوزارة والى مستشفيات محددة ايضا.

قبل الابوان بالامر الواقع، فلا حول ولا قوة لهما لان الاب لم يجد أي مؤسسة تقبله كعامل مع تنسيبه الى الضمان. فقرر ترك عمله واللجوء الى العمل الحر حتى يستطع تأمين علاج ابنه ماديا.
وشاء القدر ان يمرض بشكل طارئ هذا الطفل فيذهب الوالدان الى مستشفى(ز) في منطقة الجناح، فلم يتم ادخال الطفل رغم حالته الصعبة لان طبيب الوزارة يرفض التوقيع على ملف اسرة الوزارة. ويبقى الطفل الصغير من السادسة مساء في يوم شتائي بارد على مدخل المستشفى حتى الرابعة فجرا. تنقله والدته الى المنزل محاولة معالجته بما تستطع لكن حرارته ترتفع والاسهال يشتد والاستفراغ يقوى.

يقصد الوالدان مستشفى(ر) على طريق المطار، بعد اتصال وسيط لكن لا أمل، رغم ان هذه المستشفيات أسست كما يقول بيان مسؤوليها لخدمة المستضعفين. تتشاجر الام مع ادارة الطوارئ محملة اياهم مسؤولية ما يجري على ابن الـ15 شهرا.
اتصال ثان يتم مع احد الصحيين لادخال الطفل الى مستشفى(الباء) في برج البراجنة، لكن وبعد اخذ ورد يقال لهم حرفيا: (لا يمكن ادخاله الا اذا…).
قصدا مستشفى(س) في الغبيري، لكن الامر نفسه لا وجود لأمكنة علما ان اشهر كان في بدايته و لاحجة لهما لعدم ادخال الطفل.
كل هذا والطفل يعاني حرارة مرتفعة واسهال حاد واستفراغ وجمعية التعاضد غائبة. ييأس الاهل. ولكن الامل لازال امامها بسبب خوفهما على طفليهما.

ينتقلا الى مستشفى ثانية تبدأ ايضا بحرف (ب) في منطقة حارة حريك، وهي أُسست لخدمة الفقراء والانسان اينما كان. لكن لا أمل من دخول طفل غير مضمون وغير منتسب الى اية شركة تامين وابوه عامل غير قادر ان يكون موظف يجلسس وراء مكتب بل يتنقل من مكان الى مكان لتأمين علاج طفله الوحيد.

تعاود الواسطة عملها لكن الاهل حملوا طفلهم وذهبوا بعيدا عن ضاحية المستكبرين الى ضاحية قريبة جدا تهتم بالبشر قبل الحجر عل من يوصفون بالكفار يعرفون الله أكثر.
لكن الواسطة كانت اكبر بكثير من الاولى.. هنيئا لك ايها الطفل الصغير : ماذا حصل، يقول في نفسه هذا الطفل البريء؟ ولماذا ابواي يبتسمان بعد تجهم استمد 26 ساعة؟
لقد وافقت مستشفى(ب) على ادخاله شرط ان يتم دفع فرق الوزارة من قبل الاهل لا ان يتحول على التعاضد.

وافق الاهل بسرعة وادخل الطفل بعد ساعتين من الانتظار في غرفة الطوارئ. لم تنته القصة الفضيحة هنا.
لقد تبين أن الطفل يعاني التهابا حادا في الاذنين والانف بسبب لحمية في أنفه. لكن كيف ذلك ؟ وهو الذي كان قد ادخل منذ شهر ونصف الى مستشفى(ز) وعلى ذمة الطبيب (م.س) وهو طبيب أنف أذن حنجرة على طريق المطار لإجراء عملية وضع كبسولتين في أذنيه وعملية لحمية في أنفه.
انها الفضيحة الثالثة التي تكتشفها العائلة دفعة واحدة.
علما ان الطبيب(م.س) اخذ من الوالدين فرق العملية 100 دولار (براني) بحجة ان الوزارة لا تدفع الا ثمن كبسولة واحدة.

ماذا يفعل الابوان الان؟ هل يشتكيان على الطبيب الذي تحصنه نقابة الاطباء؟ وهل يقدران؟ ام يشتكيان على التعاضد الذي يسرق اسرّة الوزارة ويسلمها لخاصته؟ ام يشتكيان على نقابة المستشفيات التي بلغ عدد المستشفيات التي زاروها في يوم واحد خمسة مستشفيات في منطقة واحدة؟
يحاول الاهل ايجاد حل لاخذ حقهما من الطبيب النصاب لكن من سيدفع الثمن؟ أليس الاب الذي لا نقابة تقف خلفه؟ لا حزب؟ لا مؤسسة؟ لا أحد على الاطلاق سوى تعبه وعرقه وصحته وجهده وهو الذي تعطل على مدى أربعة ايام ليتابع احوال طفله الصغير.

السابق
أوباما مطمئن إلى صورة أميركا العربية
التالي
طفل بقدرات مغناطيسية خارقة