اللواء: تلميحات رسمية إلى احتمال تأجيل الإنتخابات وإرباك إزاء أعداد النازحين

عشية اليوم الأخير من العام 2012، بدت الصورة قاتمة، وبدت الأسواق والفنادق والمطاعم يتيمة إلا من عشرات اللبنانيين المهاجرين الذين آثروا قضاء عطلة الأعياد مع ذويهم في ربوع لبنان، فيما كان مجتمع السياحة يجري حسابات الخسائر التي مُني بها القطاع بالقياس إلى السنوات الماضية، وتشهد طرابلس هجمة توتير لإعادة تحريك الملف الأمني، عبر تفجيرات لقنابل صوتية في عدة أحياء منها.

أما الحديث الآخر، عشية السنة الجديدة، فكان التلميح، وهو الأول من نوعه الذي يصدر عن مسؤول رسمي ويتصل بتأجيل الانتخابات النيابية، إذ صرح وزير الداخلية والبلديات مروان شربل بأن تأجيلاً تقنياً للانتخابات قد يحصل ولأشهر معدودة ما لم يتم الاتفاق على قانون جديد للانتخابات قبل شهر من موعد إجرائها في العاشر من حزيران المقبل، مرشحاً سببين آخرين للتأجيل هما: هشاشة الوضع الأمني أو حصول مقاطعة بسبب قانون العام 1960.

ويأتي هذا الكلام قبل أسبوع من اجتماع اللجنة الفرعية النيابية للتفاهم على قانون الانتخاب، في الثامن من الشهر المقبل، في ظل تأكيد ممثلي الكتل النيابية من 8 و14 آذار بأنه لا بد من التعاون لتحديد صورة القانون الجديد، في ظل ما يشبه الاجماع على ضرورة التخلص من قانون الستين.

ومع أن اللجنة لا صلاحيات تقريرية لها، إلا أن لديها قدرة معنوية على بلورة معالم القانون الجديد إذا صفت النيّات بحسب عضو بارز في اللجنة، على اعتبار أن الأعضاء يمثلون الكتل الرئيسية في المجلس، ويفترض أن يكونوا معبّرين عن وجهات نظر هذه الكتل، ويحتفظون "بكلمة السر" التي لم تُنطق بعد.

عون في بكركي
وكشف رئيس تكتل "الاصلاح والتغيير" النائب ميشال عون، في اليوم قبل الأخير من السنة، أن الأكثرية القابضة على زمام السلطة، غير متفقة على حل معيّن، بالنسبة إلى مقاطعة قوى 14 آذار للحوار، مشيراً إلى أنه عندما تتفق هذه الأكثرية، فإنها مستعدة لمفاوضة الآخرين، وهذا يعني أن ثمة نقاطاً لا تزال موضع تباين في وجهات النظر بين أفرقاء هذه الأكثرية، سواء في ما يتصل بمسألة السلاح أو بالنسبة لتغيير الحكومة الحالية، أو قانون الانتخاب.

وبدا عون الذي زار بكركي مع أعضاء كتلته لتهنئة البطريرك الماروني بشارة الراعي بالأعياد، إيجابياً نوعاً ما، إذ أبدى استعداده للقاء أي كان من خصومه لإيجاد حل، معتبراً أن الحل يحصل بالحوار وليس بالمقاطعة، وأنه لا مانع لديه للقاء رئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط، "عندما تدعو الحاجة"، لكنه فاجأ خصومه بقوله "إن البديل عن الحوار هو القتال"، وهو كلام اعتبره هؤلاء الخصوم بأنه نوع من التحذير، أو الاستقواء بقوة السلاح الذي يملكه حلفاؤه.

أما البطريرك الراعي فقد دعا في عظة قداس الأحد، في حضور عون ونوابه إلى الكف عن البقاء على المواقف السلبية، وقال: "كفى تخويناً وإدانة، وكفى تلاعباً بمصير شعب ودولة ووطن، وكفى الخوف من التلاقي والتحاور بصدق وتجرد وشفافية، وكفى التمادي في الفساد والسرقة وهدر المال العام وإفقار الشعب وإنهاك البلاد في التقهقر الاقتصادي والاجتماعي والمعيشي والانمائي".

أزمة دار الفتوى
على أن المسألة التي استأثرت باهتمام الأوساط الوطنية والإسلامية تتصل برفض المفتي محمّد رشيد قباني اقتراح الرئيس نجيب ميقاتي المبني على قرار مجلس شورى الدولة باعتباره الدعوة لانتخابات المجلس الشرعي الأعلى التي كانت مقررة اليوم كأنها لم تكن، وبالتالي فان المجلس منعاً للفراغ يجب ان يستمر في عمله لمدة اقترحها الرئيس ميقاتي وهي بحدود ثلاثة أشهر.

وفيما بدا أنها زيارة استنجاد بالرئيس عمر كرامي، زار قباني طرابلس في إشارة إلى أن الرئيس ميقاتي خذله، ولتوفير تغطية من شخصية إسلامية من حجم رئيس الحكومة الأسبق الذي وضع الكرة في ملعب رئيس الحكومة، داعياً للابتعاد عن التسييس.

وجاهر المفتي قباني من دارة الرئيس كرامي، أن اليوم الاثنين هو آخر أيام ولاية المجلس الشرعي. وأن تمديد سنة للمجلس عمل باطل، وأن لا حق لنائب الرئيس للدعوة إلى اجتماع طالما أن مفتي الجمهورية موجود، متهماً خصومه بالسعي لتقسيم الصف الاسلامي، معتبراً ان الرئيس ميقاتي لا يريد أن يفتعل مشكلة مع الطرف الآخر، مجدداً دعوته لانتخاب المجلس الشرعي في أقرب وقت، كاشفاً عن نشر لوائح الشطب اوائل العام الجديد، وقال انه قبل بالتمديد للمجلس لمدة ثلاثة اشهر لكن الفريق الاخر أصرّ على السنة.

وقوبل كلام قباني بعاصفة قوية من ردود فعل من أوساط المجلس الشرعي التي اعتبرته بأنه "هرطقة دستورية فاضحة، لأنه مخالف لأبسط مواد المرسوم الاشتراعي رقم 18 للعام 1955، مشيرة الى أن المفتي ليس له اي سلطة على المجلس الشرعي، سوى سلطة النشر لمقرراته، وان موقف قباني هو تمرد خطير على سلطة الدولة واغتصاب لدار الفتوى وانشقاق عن طائفته وحصر للسلطات كافة في شخصه".

وسألت هذه المصادر: "اذا كانت صلاحية المجلس تنتهي اليوم، بحسب زعم قباني، فهذا يعني أن المجلس انتهى، فكيف يكون هو رئيس المجلس الشرعي وهو ينعيه في آن واحد، ألا يعني ذلك انه هو انتهى بانتهاء المجلس؟".

وفي هذا الإطار، أكّد نائب رئيس المجلس الشرعي الوزير السابق عمر مسقاوي ل"اللواء" أن أعضاء المجلس سيطلبون قريباً موعداً للقاء الرئيس كرامي لوضعه في حقيقة الأسباب التي أدت إلى الخلاف مع قباني، وخطورة رفض الأخير لمبادرة الرئيس ميقاتي.

ولم تستبعد مصادر المجلس احتمال عقد جلسة للمجلس الممددة ولايته في دار الفتوى، وأن مسقاوي سيبحث مع الأعضاء عقد هذه الجلسة بعد التشاور مع الرئيس ميقاتي، ودعوته إلى حضورهما مع رؤساء الحكومة السابقين، وأن يترأسها قباني إن أراد، كما كان يحصل في عهد المفتي الشهيد الشيخ حسن خالد، عندما كان يترأس الجلسات الشيخ صبحي الصالح، ولا يكون المفتي خالد خارج البلاد في كثير من الأحيان.

هجمة توتير
وسط هذه الأجواء، شهدت طرابلس مساء أمس، هجمة توتير أمنية، بقصد إعادة تحريك الملف الأمني، تزامنت مع تخوف عبّرت عنه اكثر من جهة من اعادة افتعال الحوادث بين منطقتي التبانة وجبل محسن، حيث عمد مجهولون إلى إلقاء ثلاث قنابل يدوية في احياء متفرقة من المدينة، إذ استهدفت هذه القنابل الصوتية، طلعة الخناق في باب الرمل، ومجرى نهر أبو علي، وزيتون أبي سمراء، وتزامن ذلك مع إطلاق رصاص سمع في بعل الدراويش في التبانة، تبين انه ناتج عن اشكال بين شباب بسبب تعزيز الدشم الموجودة، وتدخل الجيش وعمل على تطويق المنطقة، فيما باشرت عناصر من الجيش وقوى الأمن الداخلي التحقيق لمعرفة الفاعلين.

وقرابة منتصف الليل ألقى مجهولون قنبلة على مدرسة روضة الزيتون لم تنفجر، وتبين بعد معاينة القوى الأمنية انها صوتية.

وعلى اوتوستراد فؤاد شهاب، قطع عدد من الشبان الطريق، على خلفية توقيف الشاب محمود الشيخ الذي كان يقود سيّارة بأوراق غير رسمية، وعلى الفور طوقت عناصر من الجيش وقوى الأمن المكان وطلبوا من الشبان فك اعتصامهم، بعد وعد بإيجاد حل لمشكلة أوراق الشاب المذكور.   

السابق
الشرق: الراعي يطلب الكف عن التلاعب بمصير وطن
التالي
الأنوار: الراعي: كفى التمادي في الفساد والسرقة