الجمهورية: العجلة السياسية تُعاود دورانها الخميس

على رغم فسحة الأمل التي تطلّ مع كلّ عام جديد، إلّا أنّ غياب الحلول للأزمات الوطنية والسياسية والاقتصادية يُبقي الأوضاع، ويا للأسف، على حالها من السوء والقلق وعدم الاستقرار، مع فارق ترجيح خروج لبنان في 2013 من جموده السياسي في حال تمّت الانتخابات النيابية في توقيتها، هذه الانتخابات التي ستعيد خلط الأوراق السياسية في الداخل. وفي موازاة الاستحقاق النيابيّ يبقى الحدث السوري في طليعة الأحداث التي تحظى باهتمام استثنائيّ ومتابعة لصيقة محلّية وعربية وإقليمية ودولية، إذ عليها يتوقف مصير الكثير من الملفّات والتموضعات والاصطفافات والمحاور.

ظلّ الاهتمام منصبّاً على مسار الأحداث الجارية في سوريا، وتحرّك الموفد الأممي الأخضر الابراهيمي الذي قدّم مقترحاً جديداً للحلّ قد يحظى بموافقة الجميع ـ كما قال ـ يستند الى اعلان جنيف، وكرّر من القاهرة تحذيراته، معلناً انّ سوريا اليوم هي بين الحلّ السياسي أو الجحيم وانهيار كامل للدولة، محذّرا من "صوملة" الوضع فيها، ومن تدفّق النازحين على لبنان والأردن.

وجاء الردّ على الابراهيمي سريعاً من "الائتلاف الوطني السوري المعارض" فأكّد "انّ السماح برحيل الأسد من دون محاكمته هو التنازل الوحيد الذي يمكن للمعارضة تقديمه".

وفي ظلّ الأجواء التي أرخت بها الأزمة السورية وتداعياتها على أمن المنطقة، قالت شخصيات لبنانية التقت الموفد الأممي في الأيام القليلة الماضية لـ"الجمهورية" إنّه لم يفكّر لحظة بعد بالاعتكاف أو الاستقالة على رغم كلّ المصاعب التي واجهته، ولا سيّما في الفترة الأخيرة التي تعرّضت فيها مهمّته للتشكيك من النظام أو من المعارضة في آن معاً.

ونقلت عن الابراهيمي قوله إنّه تعلّم الكثير من مهمات سابقة قام بها في الأزمات العربية والدولية، كذلك ممّن سبقه الى الملف السوري من مصطفى الدابي، رئيس فريق المراقبين العرب الى المبعوث الدولي السابق كوفي انان، وقد يكونان يجهلان الكثير من الحقائق المتصلة بالأزمة السورية ولم يكن لهما الوقت الكافي لاستيعاب المهمّة ومخاطرها والعوائق التي تحول دون قيامهم بمهمة طبيعية كلّفهما بها المجتمعان العربي والدولي.

ولفتت الى انّ الابراهيمي يخشى صراحة، ومعه الكثير من المراقبين، ممّا هو آت في الأيام المقبلة على السوريين، وقالت إنّه مخيف للغاية وقد تتصاعد العمليات العسكرية بشكل غير مسبوق في ضوء التحضيرات العسكرية الكبيرة التي يحضّر لها الجانبان النظام والثوّار في آن وفي أكثر من منطقة ومدينة، وهي أمور خطيرة للغاية قد تعكس استعجال الطرفين الى نصر يبحثان عنه في وقت يريدانه قريباً، لكنّه برأيه مستحيل ما لم تظهر مفاجآت غير محسوبة.

ولاحظ الذين التقوا الابراهيمي وجود استياء بالغ لديه ـ ولو لم يكشف عنه مباشرة – من زيارة نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد الاستباقية الى موسكو، معتبراً انّها جاءت لنقل رسائل قد لا يكون تبلّغها شخصيّا من الرئيس السوري الى القيادة الروسية.

وأضافوا: "قد يكون ما سمعه الابراهيمي من وزير الخارجية سيرغي لافروف عن استحالة البحث في تنحّي الأسد بوساطة روسية او غيرها من نتائج زيارة المقداد".

أردوغان: بشّار قتل 50 ألف سوري

وفي سياق متصل أعلن رئيس الوزراء التركي رجب طيّب أردوغان أمام آلاف السوريّين اللاجئين في بلاده أنّ أنقرة ستدعم "حتى النهاية" الانتفاضة ضد الرئيس السوري بشّار الأسد، واصفاً إيّاه بـ"الطاغية".

وقال: "نحن نعلم أنّ نظام الطغيان السوري، الطاغية بشّار، قتل حوالى 50 ألف سوري. لقد عانيتم الكثير ولكن لا تيأسوا".

الملفّات الداخلية
إلى العام المقبل

داخليّا، ومع انطلاق العدّ العكسي لأفول السنة الحالية، غاب الحراك السياسي عن الساحة المحلية بفعل سفر رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ووجود عدد من السياسيين خارج البلاد لتمضية إجازة العيد. وتُعاود العجلة السياسية حركة دورانها الخميس المقبل في بعبدا، مع انعقاد جلسة مجلس الوزراء المخصّصة لبحث موضوع النازحين السوريين. واللافت ما ذكره امس التقرير الأسبوعي لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بأنّ عدد اللاجئين السوريين المسجّلين لديها في لبنان بلغ مع نهاية الأسبوع الماضي 170637 شخصاً، في حين حمّل "حزب الله" مسؤولية هذا الملفّ واستمرار تدفّق النازحين "الى من يعطل الحلّ ويمنع التسوية في سوريا"، والى" كلّ فريق وطرف في لبنان يسهم في تأجيج الأزمة والقتال فيها".

توازياً، تطلّ الملفات الخلافية برأسها مجدداً مع بداية العام الجديد، في ظلّ "السجال الحواري" وتوجّه رئيس الجمهورية لتأجيل موعد انعقاد اجتماع هيئة الحوار بسبب رفض "المستقبل" و"القوات" المشاركة على أساس المعطيات الراهنة التي تؤدّي بالمحصلة إلى تشريع الحكومة وتظليل السلاح، كما استمرار التباين في ملف قانون الانتخاب الذي خطا خطوة مهمّة مع عودة اللجنة النيابية إلى الانعقاد، فضلاً عن الشأن المعيشي الآخذ في التدهور نتيجة السياسة الحكومية، وكلّ ما يتصل به من تحرّكات احتجاجية وتظاهرات وإضرابات.

بكركي

وقد خرق الجمود السياسي امس مجموعة محطّات أبرزها: زيارة رئيس "تكتل التغيير والإصلاح" النائب ميشال عون الى بكركي معلناً بعد خلوة له مع الكاردينال الماروني مار بشارة بطرس الراعي أنّ "التمنّع عن الحوار جريمة بحقّ الوطن والبديل هو القتال"، في حين دعا الراعي إلى التخلّي عن المواقف السلبية والتخوين والتلاعب في مصير الوطن والدولة والشعب وطالب "السياسيين في لبنان بوقف السرقة والفساد وهدر المال العام". وزيارة مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني لدارة الرئيس عمر كرامي في الشمال، مُصرَّاً على إجراء الانتخابات في المجلس الشرعي الاسلامي. وزيارة الشيخ احمد الأسير إلى عكّار معلناً منها عدم السماح برفع ايّ راية صفراء بعد الآن في صيدا".

شربل لـ"الجمهورية"

وقبل ايّام على التئام اللجنة الفرعية المنبثقة عن اللجان النيابية المشتركة في الثامن من الشهر المقبل، في المجلس النيابي بدعوة من رئيس المجلس نبيه برّي لدرس مشروع قانون الانتخاب، تمنّى وزير الداخلية مروان شربل الإسراع في إقرار القانون الجديد على رغم المصاعب التي يرصدها والتي تحول دون التفاهم عليه في حال بقاء المواقف المتباعدة كما هي الحال عليه اليوم.

وقال شربل لـ"الجمهورية" إنه ينتظر بفارغ الصبر القانون الجديد، نافياً الرواية التي تقول بأنه سيشارك في اعمال اللجنة، معتبراً أنّ هذه الرواية لا اساس لها من الصحة، ومن يتحدّث عنها لا يفهم ماهية هذه اللجنة ومهامّها ولا دخل للحكومة بها. فاللجنة التي ستجتمع في الثامن من الشهر المقبل لجنة فرعية مشكّلة من اللجنة الأساسية التي كُلّفت البحث في القانون الجديد ومهمّتها محصورة بالبندين الأوّل والثاني من أيّ قانون جديد.

وعن التحضيرات التي باشرتها وزارة الداخلية منذ فترة قال شربل: "إنها تستند الى ما هو قائم اليوم، اي قانون الستّين، وهي تحتاج الى شهرين على الأكثر لبتّ التفاصيل العملية على كلّ المستويات اللوجستية والأمنية والإدارية".

وعن المهلة التي يحتاجها في حال إقرار قانون جديد لإجراء الإنتخابات في أفضل الظروف، فضّل عدم تحديدها من اليوم، لأنّ الأمر منوط بما يمكن ان تنتجه اللجنة ومن بعدها المجلس النيابي، كما بانتظار حجم الإصلاحات والتغييرات التي قد تطرأ على القانون الجديد.

وعن إمكان إجراء انتخابات وفق قانون الستين الذي يستعدّ على اساسه، قال شربل: "قد لا تكون هناك انتخابات إذا ما تمسّك من أعلن رفضه لهذا القانون بموقفه الى النهاية". وفي حال العكس قال شربل: "أكثر ما أكرهه أن اقوم بدور العرّافة أو أن أستمع اليها!.

وختم شربل بالقول: لنفترض انّ الهيئة أقرّت قانوناً جديداً للإنتخابات، فإننا سنكون بحاجة الى شهرين او ثلاثة لإجراء الترتيبات الضرورية لمواكبة هذه التغييرات، وفي حال إشراك المغتربين قد نحتاج الى مُهل أخرى.

وعن التحضيرات للخطة الأمنية ليلة رأس السنة، قال الوزير شربل إنّها الخطة السنوية الإستثنائية التي تقوم بها كافة الأجهزة الأمنية وبالتنسيق في ما بينها بمناسبة الأعياد لإمرار هذه الليلة على خير وبأقلّ الخسائر الممكنة في الأرواح والماديّات، منبّهاً إلى ضرورة الاستماع الى إرشادات القوى الأمنية التي جرى تعميمها عبر وسائل الإعلام والعمل بما قالت به.

الجميّل وتمويل اللجنة

في الموازاة، كشفت مصادر واسعة الاطّلاع لـ"الجمهورية" انّ عضو كتلة نواب حزب الكتائب اللبنانية النائب سامي الجميّل اقترح ان يتولّى النواب اعضاء اللجنة دفع كلفة فندق "كيروز اوتيل" الذي يقع على بعد فاصل الطريق بين مدخل مبنى مجلس النوّاب والشارع المقابل له.

واستند الجميّل في اقتراحه الذي سيتقدّم به بعد العيد إلى فقدان الموازنة الخاصة بهذا الأمر في ميزانية مجلس النوّاب وإلّا ستكون التكاليف من البند الخاص بمخصّصات رئيس المجلس النيابي، ومخافة أن ترصد من موازنة الهيئة العليا للإغاثة.

ويقول اقتراح الجميّل: لا يمكن ان تكون موازنة الإقامة للنوّاب من مال المكلف اللبناني، إذ يكفيه ما له هذا المواطن من حقوق ضائعة، وبالتالي من غير اللائق ان تصرف كلفة الإقامة للأعضاء المهدّدين من هذه الأموال، ومن يعتبر نفسه مهدّداً عليه دفع كلفة إقامته في هذا الفندق، خصوصاً إذا احتاجت المهمّة حوالى عشرة ايّام.

طرابلس

وأفيد مساء أمس أنّ قنبلتين صوتيّتين قد أُلقيتا، الأولى في الزيتون، والثانية في جسر الخناق في منطقة باب الرمل على الطريق المؤدّية إلى أبي سمراء، وعلى الأثر سُمعت طلقات ناريّة متفرّقة في أحياء طرابلس، فسيّر الجيش اللبناني دوريّات للقبض على المُخلّين بالأمن. وأفادت المعلومات أنّ الهدف هو إثارة البلبلة في المنطقة عشية رأس السنة. ?
  

السابق
البناء: لبنان العام 2013: تَرِكةٌ ثقيلة واستحقاقات داهمة
التالي
الأخبار: عون: القتال بديل الحوار