المصالحة شيء والمقابحة شيء آخر

يُحكى أن "أبا طشطش" كان في زمان شبابه من كرام القوم، لكن لما تقادمت سنّه استضعفته زوجته واستحكمت عليه وصارت تتمقطع فيه، لسبب ولغير سبب.
وحدث أنها كانت تكنسُ بيتها، في إحدى ساعات حمقها، ومرّ أبو طشطش متمهلا، فتناولته بمكنسة على رأسه، وبأخرى على ظهره، وعيرته بقلة المروءة، فخرج مكسور الخاطر لا يلوي على شيء.
في الطريق التقاه "أبو عوكر" ولاحظ انه شارد الذهن، فسأله: وماذا الذي عوكر صباحك يا أخي أبو طشطش، أنا صديقك، لعلّي أستطيع أن أساعدك. فتأوه أبو طشطش، ولا خفاك الأمر…
قال أبو عوكر: كفى! اختلفت مع زوجتك، تعال معي فأصلح بينكما!
ومضى أبو عوكر ومعه أبو طشطش إلى بيته وكانت أم طشطش ما زالت تكنس فناء الدار، فقال لها أبو عوكر: ولو يا أم طشطش، لما كان أبو طشطش في عزّ الشباب، كنت تقولين له: يا حبيبي ونور عيني. أما الآن وقد زادت شيبته وقلّت هيبته وفرغت جيبته وشطّت ريلته، فصرت تكشين بوجهه وتتطاولين عليه!
أضاف أبو عوكر : عندما كان أبو طشطش، جسمه مثل الرمح ووجهه مثل الصبح، كنت ترحبين به كلما أقبل. أما الآن وقد صار ظهره مثل قوس الندّافة وأنفه مثل سدّان السكافه، لا قد ولا جد ولا لطافه، صرت تقولين له: يا مطشّن! يا مكشّن! يا قليل الخواص.
واسترسل أبو عوكر في كلامه قال: واليوم، عندما هرّ شعره وانحنى ظهره وبرد قعره وقلّ قدره، وهرهر واهترا، من قدّام ومن ورا، وما عاد يعرف الزلمي من المرا..
فصرخ به أبو طشطش: كفى! يا قليل الدين… "هذي مصالحه يمّا مقابحه!"، المصالحة شيء والمقابحة شيء آخر.
وصارت هذه العبارة مثلاً يُقال في مناسباته.
  

السابق
المعارضة السورية مستعدة لانتقال سياسي شرط رحيل الأسد وعائلته
التالي
المنجمون يخطئون مجدداً بشأن نهاية العالم