المستقبل: سليمان يُخرس سفير الأسد

دخل السجال بين وزيرَي الخارجية عدنان ومنصور والشؤون الاجتماعية وائل أبو فاعور في كتاب التناقضات الحكومية الذي سطّرت فيه حكومة "حزب الله" برئاسة نجيب ميقاتي رقماً قياسياً، والبارز هو أن في السجالات كلها، كان منصور نفسه، عدا الوزير "العوني" جبران باسيل، طرفاً رئيسياً فيها.

غير أن رئيس الجمهورية ميشال سليمان الذي استبق السجال المذكور، والذي قام على خلفية تطاول سفير النظام الأسدي علي عبد الكريم العلي على الوزير أبو فاعور والمؤسسات الشرعية اللبنانية، وضع النقاط على الحروف وبوضوح غير مسبوق، إذ شنّ هجوماً مزدوجاً على منصور من جهة، مذكراً إياه بمسؤولياته، وعلى السفير السوري منبّهاً إياه إلى تصرفاته الخارجة عن الأصول الديبلوماسية والأعراف المتبعة.
والسجال الحكومي لم يخف أهمية الرسالة الميلادية التي وجهها رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع إلى رئيس الجمهورية ميشال سليمان، وأكّد من خلالها مضي فريق قوى الرابع عشر من آذار في تقديم المصلحة الوطنية العليا على جميع الاعتبارات، معلناً استعداد هذه القوى للنزول إلى مجلس النواب في حال دعا رئيسه نبيه بري إلى جلسة عامة لإقرار قانون الانتخاب، في حين اعتبر أن "رفضنا منطق الحوار ليس بالمطلق، بل ينبع من قناعتنا الوطنية، ويستهدف حصراً الجهة التي تحاول التلطي خلف طاولة الحوار لممارسة الإرهاب والابتزاز الأمني والسياسي، وتحصيل مكاسب سياسية عن طريق طاولة الحوار عجزت عن تحقيقها تحت وطأة الترهيب والاغتيال".

وبالعودة إلى الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء في عام 2012 التي عُقدت أمس في بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية ميشال سليمان، فقد علمت "المستقبل" من مصادر وزارية أن الجلسة شهدت فصلاً جديداً من فصول الوزير منصور الذي يتماهى مع سفير النظام السوري في لبنان علي عبد الكريم العلي، والذي يستغل منبر وزارة الخارجية ليشن حملات تشويه وتضليل، تستهدف الداخل اللبناني وعلاقات لبنان مع الدول الشقيقة والصديقة.

وكان رئيس الجمهورية استهل الجلسة بمعايدة اللبنانيين بمناسبة حلول الأعياد، متمنياً أن "تكون سنة طيبة على الجميع" آملاً في "إكمال المسار الأمني بلا حوادث" مشيراً إلى "تخصيص جلسة في الثالث من كانون الثاني المقبل لدرس موضوع النازحين".
ولفت سليمان إلى وجوب أن تنتهي لغة التهديد باستهداف مصالح الدول في لبنان لأنها ترتد عليه سلباً، معتبراً أن "استمرار خطف اللبنانيين في سوريا لا يخدم قضية الخاطفين وأن اللجنة الوزارية ستكثّف جهودها" لحل هذه المشكلة.

واستناداً إلى مصادر وزارية فإنّ رئيس الجمهورية "قدّم مداخلة أشار فيها إلى ثلاث نقاط، الأولى أنه لا يجوز أن يتخذ السفراء مهما كان البلد الذي يمثلونه، من المقرات الرسمية، منبراً لإطلاق المواقف التي تمس بسيادة البلد الموجودين فيه واستقلاله، وتطال جهات سياسية فيه، لأن الاختلاف في وجهات النظر بين الفرقاء اللبنانيين يبقى شأناً داخلياً".

وأضاف سليمان وفقاً للمصادر: "اما النقطة الثانية أنه عندما يخطئ سفير بلد ما بحق لبنان، على وزارة الخارجية أن تعمد إلى الرد عليه وفق ما تقتضيه الأعراف والأصول الديبلوماسية". أما النقطة الثالثة، فقد ذكّر رئيس الدجمهورية "بضرورة العودة إلى التقيّد بالأصول الديبلوماسية والتي تنص على أن يطلب أي سفير موعداً مسبقاً للقاء الجهة الرسمية التي يود زيارتها، وينتظر ردّها بالإيجاب أو الرفض. وهذا الأمر لا يتم التقيّد به اليوم، فالسفير السوري علي عبد الكريم العلي يزور المسؤولين الرسميين اللبنانيين بوتيرة مكثّفة مؤخراً، في حين أن السفير اللبناني في سوريا ميشال خوري، الذي مضى على اعتماده في دمشق ثلاث سنوات، لم يستقبله وزير الخارجية السوري وليد المعلم إلى اليوم، وبالتالي يجب التقيّد بالأصول الديبلوماسية التي غابت أثناء الحرب الأهلية ولا تزال مستمرة حتى اليوم".

وأضافت المصادر أنه بعد مداخلة الرئيس سليمان، افتتح منصور السجال بالرد على تصريح أصدره أبو فاعور أول من أمس، اتهم فيه منصور بأنه تبنّى رسالة السفير العلي التي قال فيها إن المساعدات اللبنانية تمنح "لفئات تكفيرية"، فقال منصور إنه لم يتبنّ رسالة السفير السوري لكنه نقلها إلى رئيسي الجمهورية والحكومة والوزير أبو فاعور وفقاً للأصول".

فرد أبو فاعور، وفقاً للمصادر نفسها، بالقول "بلى يا معالي الوزير، أنت تبنّيت رسالة السفير السوري، إقرأها وسنرى". فرفض منصور قراءتها ما دفع أبو فاعور لقراءتها بنفسه ووجه كلامه إلى منصور مجدداً قائلاً: "هذه موافقة ضمنية على الرسالة يا معالي الوزير، وفي أي حال، إن اتباع الأصول يكون بمنع السفير من اعتماد وزارة الخارجية منبراً لمواقفه، كما أن اتباع الأصول لا يكون بخطف شبلي العيسمي".

جعجع
وجّه رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع رسالة مفتوحة إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، تمنّى خلالها لو "أن الظروف الأمنية المحيطة بقيادات قوى 14 آذار هذه السنة مختلفة عن سابقاتها في السنوات الأخيرة، حتى نتشّرف بزيارتكم في قصر بعبدا لتهنئتكم بالأعياد المجيدة والتباحث معكم في شؤون الساعة وشجونها".
واعتبر أن "أكثر من يعي قيمة التلاقي والحوار، هو الفريق الذي عانى الأمرين من منطق الفرض والغلبة والإبعاد القسري والاغتيال. صحيح أننا نشعر اليوم بأسى كبير بسبب إحجامنا عن تلبية دعوتكم الكريمة إلى طاولة الحوار، إلا أن ما يمنعنا من تلبية هذه الدعوة، هو الطرف الذي تدعوننا فخامتكم للجلوس معه تحديداً والذي يعمد، لا إلى تقويض الحوار الوطني وإفراغ مقرراته من مضمونها فحسب، وإنما إلى إفراغ طاولة الحوار من محاوريها أيضاً".

وأكد: "من هنا، نجدد التزامنا التام بحوار وطني ولكن حقيقي، لكننا في الوقت ذاته، نرفض الترهيب، والابتزاز، والانخراط في عملية تكاذب سياسي ليست سوى ملهاة لكم ولنا وللبنانيين".

وأكّد جعجع أن "البديل هو استقالة الحكومة الحالية، ومن ثم التقيّد بالإجراءات الدستورية التي ستفضي حكماً إلى تشكيل حكومة جديدة تشرف على الانتخابات".

وأعلن جعجع: "إن إصرارنا على إجراء الانتخابات في مواعيدها الدستورية، يوازيه سعينا الدؤوب لاستبدال قانون الستين بمشروع قانون انتخاب يكون أكثر إنصافاً وعدالة للبنانيين. لذلك، لم نتردد في خرق مقاطعتنا في ما يتعلق بهذا الشق تحديداً، ووافقنا على اجتماع اللجنة الفرعية المكلفة بمناقشة قانون جديد للانتخابات، وإننا في هذا الإطار، نعلن عن استعدادنا التام لخرق مقاطعتنا مرة أخرى والتوجه إلى مجلس النواب حين يدعو رئيس المجلس الهيئة العامة إلى جلسة مخصصة لإقرار مشروع جديد للانتخابات يؤمن صحة التمثيل التي نعمل وإياكم على تحقيقها".
  

السابق
السفير: جعجع يتنازل وسليمان يتوقّع خرقاً لمصلحة مشروع الحكومة
التالي
الديار: كلام نوعي للرئيس سليمان على كل سفير التقيد بالأصول الدبلوماسية