السفير: جعجع يتنازل وسليمان يتوقّع خرقاً لمصلحة مشروع الحكومة

إذا كانت جلسة الحكومة الوداعية للعام 2012، قد تميزت بإطلاق دورة التراخيص الأولى للتنقيب عن النفط والغاز في لبنان، فإن ما رافقها من سجال بين وزيري الخارجية عدنان منصور والشؤون الاجتماعية وائل أبو فاعور، أظهر أن ثمة أزمة ديبلوماسية تكبر يوما بعد يوم بين لبنان وسوريا، لعل أخطر ما فيها أن موقع رئاسة الجمهورية، للمرة الأولى منذ الطائف، يدخل "مربع الاشتباك"، بينما الخطوط مقفلة بين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي والقيادة السورية.

وليس خافيا على أحد أنه لو كانت سوريا بخير، لما كان لهذه الأزمة أن تنشأ أصلا، أما سوريا المريضة إلى حد استعصاء الشفاء، فإنها تستدرج "النزعة السيادية" الكامنة عند بعض المسؤولين، وهي ظاهرة تستحق التقدير والتشجيع، شرط أن تنسحب على كل سفراء الدول وقناصلها في بيروت، لعل ذلك يشكل بداية تعامل لبناني من نوع جديد مع الاستباحة اليومية لما تبقى من حياة سياسية لبنانية وصولا الى تنمية العوامل الداخلية على حساب حضور الخارج ومصالحه وحساباته في المعادلة اللبنانية.
فقد كشف مصدر رسمي لـ"السفير" أنه عند مبادرة الوزير أبو فاعور الى طرح موضوع الرسالة الاحتجاجية التي تلقاها من السفير السوري علي عبد الكريم علي، عن طريق وزير الخارجية، في جلسة مجلس الوزراء، واحتدام النقاش بين الوزيرين المعنيين، انبرى رئيس الجمهورية ميشال سليمان لتقديم مداخلة غير مسبوقة ركز فيها على ثلاث نقاط:

أولا، من غير الجائز للسفراء المعتمدين لأي دولة انتموا، أن يتخذوا من المراكز الرسمية اللبنانية منابر لهم لإطلاق اتهامات في هذا الاتجاه أو ذاك، وأي احتجاج من قبلهم على أي أمر (لبناني)، يجب أن يوجه من جانب حكوماتهم إلى الحكومة اللبنانية، لا أن يقوم سفير هذه الدولة أو تلك بتوجيه الاتهام.

ثانيا، عندما يخطئ أي سفير لأي دولة انتمى بحق لبنان ويعرض سيادته للانتهاك أو يتعرض لأي من قياداته ومرجعياته السياسية أو غير السياسية، فان على وزير الخارجية، باعتباره رأس الديبلوماسية اللبنانية أن يتولى الرد وفق القوانين والاتفاقيات الدولية الناظمة للعلاقات الدولية والديبلوماسية ولا سيما اتفاقية جنيف.

ثالثا، ان هذه القوانين والاتفاقيات تحدد أصولا لعمل السفراء الذين عليهم أخذ اذن من وزارة الخارجية قبل القيام بأي نشاط. وعلى أي سفير أو ديبلوماسي لأي دولة كانت، اطلاع وزارة الخارجية اللبنانية على كل حركته على الأراضي اللبنانية".

وأوضح المصدر أنه "في الوقت الذي استقبلت معظم القيادات الرسمية والسياسية في لبنان السفير السوري مرات متكررة، وفي الوقت الذي كرمته عشرات الجهات اللبنانية، فان سفير لبنان في سوريا ميشال خوري الذي مضى على اعتماده في دمشق حوالي ثلاث سنوات، لم يستقبله وزير خارجية سوريا وليد المعلم ولا مرة حتى الآن".

وأشادت أوساط حكومية وسطية بموقف رئيس الجمهورية، وقالت انه يفترض، من الآن فصاعدا، أن تنبري اصوات سياسية واعلامية لبنانية الى محاكمة كل مسؤول لبناني يستقبل ديبلوماسيا خارج الأصول، وعلى وزير الخارجية أن يتلقف موقف رئيس الجمهورية بالتشدد في موضوع الفوضى الديبلوماسية التي تجعل لبنان مسرحا للسفراء والقناصل يسرحون ويمرحون ولا من سائل أو من مجيب.

وتوقفت الأوساط نفسها عند ظاهرة قيام وفود عسكرية أجنبية بزيارة لبنان بصورة دورية من دون اعطاء علم وخبر لوزارة الخارجية، وقالت ان
اقدام الجيش الأميركي مؤخرا على تقديم طلب للهيئة الناظمة للاتصالات لانشاء محطة اتصالات في بيروت، "يشكل نموذجا فاقعا للفوضى، الى حد أن السفارة الأميركية نفسها، صارت تشكو تجاوزها من قبل الجيش الأميركي".

جعجع.. والتنازل الجديد
وبينما كان رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع يطلق النار، في رسالة مفتوحة الى رئيس الجمهورية ميشال سليمان، على دعوة هيئة الحوار للانعقاد في السابع من كانون الثاني المقبل، كان اللافت للانتباه أن رسالة "القوات" تضمنت "خرقا" جديدا لقرار مقاطعة الحكومة تمثل بإبداء جعجع استعداد المعارضة "للتوجّه الى مجلس النواب حين يدعو رئيس المجلس الهيئة العامة إلى جلسة مخصصة لإقرار مشروع جديد للانتخابات يؤمّن صحة التمثيل".

وقال جعجع ان الهدف من هذه المبادرة هو "إصرارنا على إجراء الانتخابات في مواعيدها الدستورية، وذلك في موازاة سعينا الدؤوب لاستبدال "قانون الستين"، بمشروع قانون انتخابي يكون أكثر إنصافا وعدالة".

وفي السياق نفسه، كشف رئيس الجمهورية في جلسة مجلس الوزراء، أمس، امتلاكه معطيات تجعله يأمل إقرار قانون انتخابي جديد انطلاقا من المشروع الذي تقدمت به الحكومة، مع التعديلات الممكنة التي تجيب عن هواجس كل الفرقاء .

ما بعد إطلاق دورة التراخيص
ويشكل الإعلان في مجلس الوزراء، أمس، عن إطلاق دورة التراخيص الأولى، للتنقيب عن النفط والغاز، خطوة في مسار حددته وزارة الطاقة يتضمن الآتي:
أولا، تحضير مرسوم تأهيل الشركات في 4 كانون الثاني 2013.
ثانيا، فتح دورة تأهيل الشركات في 1 شباط 2013.
ثالثا، إصدار لائحة الشركات المؤهلة في 21 آذار 2013.
رابعا، تقديم مرسوم تقسيم المناطق البحرية وتقديم مرسوم دفتر الشروط ونموذج الاستكشاف والانتاج في 12 نيسان 2013.
خامسا، اعلان البدء باستقبال طلبات التراخيص في 2 ايار 2013.
سادسا، اغلاق باب تقديم الطلبات في 4 تشرين الثاني 2013.
سابعا، الانتهاء من تقييم طلبات التراخيص في 6 كانون الثاني 2014.
ثامنا، التفاوض مع الشركات اعتبارا من 10 آذار 2014.
تاسعا، توقيع اتفاقيات الاستكشاف والانتاج في 31 آذار 2014.

وقال وزير الطاقة جبران باسيل لـ"السفير" ان "ما قام به مجلس الوزراء هو انجاز كبير جدا يخص كل اللبنانيين وليس طرفا بعينه، ومن هنا يجب ان نتعاطى معه بمسؤولية وطنية وان نحصنه، لا ان نخربه ونشوش عليه ونضيعه".

وقال باسيل: "نحن الآن في مرحلة العمل الورقي، وهذا الامر يسير بشكل طبيعي ومدروس، وسيتحول بعد سنة من الآن الى عمل تنفيذي في البحر، وبعدها بسنة قد نجد النفط والغاز اللبناني امام عيوننا، فالمسألة ليست مسألة سنوات طويلة بل قليلة، خاصة انه تتبين لنا كل يوم امور مشجعة جدا".

يذكر أن ملف النازحين السوريين والفلسطينيين فرض نفسه، أمس، على جدول اعمال الحكومة، حيث تقرر عقد جلسة حكومية في الثالث من كانون الثاني المقبل تكون مخصصة فقط لقضية النازحين من سوريا.

وبينما ابقى مجلس الوزراء على دعم الطحين حتى آخر شباط المقبل، تعثر ملف تثبيت الاساتذة المتعاقدين في الجامعة اللبنانية، بعد ابداء رئيس الجمهورية ملاحظاته على هذا الملف، مفضلا ان يتم السير اولا بتعيين مجلس الجامعة الذي يتمثل فيه أساتذة الجامعة، وفيه يدرس ملف الأساتذة، وعندها يرفع الى مجلس الوزراء، وقال ان أية آلية أخرى تعني أن مجلس الوزراء سيبادر الى درس كل ملف من ملفات الأساتذة الذين يزيد عددهم على ستمئة استاذ. واكد سليمان مجددا انه لن يوقع أي مرسوم تعيين خارج اطار آلية التعيينات التي تم اعتمادها. وقال رئيس الجامعة اللبنانية الدكتور عدنان السيد حسين لـ"السفير: ان التأجيل امر مضر بالجامعة وبمصالح الاساتذة المرشحين للتفرغ الذين يقارب عددهم 650 مرشحا.

اضاف: ان هذا الملف قد اشبع درسا بمعرفة رئيس الحكومة ووزير التربية والوزراء في الحكومة، وان التأجيل بهذه الطريقة واضفاء نوع من الشكوك لا يخدمان الجامعة على الاطلاق، لذلك اناشد الحكومة ان تبت هذا الامر سريعا دفاعا عن الجامعة ومستواها الاكاديمي ومستقبلها.

وقال: ان المسؤولين في السلطة هم الذين اخروا تعيين العمداء، وبالتالي اخروا تعيين مجلس الجامعة، وانا شخصيا منذ تعييني في رئاسة الجامعة ناديت بضرورة التعيين، فلماذا التسييس؟ ان هذا امر مريع.
  

السابق
النهار: ميقاتي يتحدث عن قضايا الساعة والسنيورة عن الحوار
التالي
المستقبل: سليمان يُخرس سفير الأسد