لا سلاح أميركياً لثوار سوريا

لا يزال حسم الأزمة – الحرب بين النظام السوري وغالبية شعبه صعباً في رأي مصادر ديبلوماسية غربية مطلعة، وذلك لاسباب عدة أبرزها الآتي:
1 – عدم توصل أميركا "المؤيدة" للثوار سياسياً وروسيا الداعمة للنظام بالتسليح وبالخبرة وبالمواقف داخل مجلس الأمن الى اتفاق على حل للأزمة ووقف للحرب يفسح في المجال امام تحقيق مطالب الثوار بالديموقراطية والعدالة والحرية، وامام تنامي خوف الاقليات التي صار يمثلها النظام من القمع النهائي وخصوصاً في ظل الدور المتصاعد للاصولية الاسلامية التكفيرية داخل الثورة. طبعاً ساهمت الاجتماعات المتكررة بين مسؤولين اميركيين وروس في تضييق الهوة بين موقفي بلاديهما، وجعلت روسيا تتأكد من اصرار الاسد على الحسم العسكري، كما دفعت اميركا الى استشعار الخطر الاصولي. لكن هذا "التقدم" لم يسفر بعد عن تفاهم يفتح الباب أمام حل أو تسوية.
2 – عدم توصل الولايات المتحدة المؤيدة سياسياً للثوار السوريين والجمهورية الاسلامية الايرانية الداعمة بكل الوسائل وفي كل المجالات للنظام الاسدي، ليس الى تفاهم حول طريقة حل الازمة – الحرب في سوريا، بل الى اتفاق على بدء حوار جدي ومباشر بينهما يتناول قضاياهما الخلافية التي لا يشكل ما يجري في سوريا الا نتيجة لخلاف اعمق وأشمل بينهما حول قضيتين – ازمتين هما الملف النووي الايراني ودور ايران الاسلامية في المنطقة. او عدم وصول الدولتين المذكورتين الى حرب معلنة بينهما تنهزم فيها احداهما، وتنعكس الهزيمة ضعفاً على حلفاء المهزومة الذين لا بد ان يجدوا انفسهم مضطرين الى قبول شروط المنتصرة. ومنطقي حينها ان يعتقد الناس ان اميركا ستكون المنتصر لا ايران رغم تعاظم تقدمها العسكري والتقني ورغم الثمن الكبير الذي قد تدفعها اياه الاخيرة.
3 – عدم قدرة الدول العربية الاسلامية والدول الاسلامية غير العربية على تقديم المساعدة التي يحتاج اليها الثوار السوريون من أجل حسم ثورتهم واسقاط نظام الاسد. علماً انهم بامكاناتهم المتواضعة وبالمساعدات المحدودة من الدول المشار اليها استطاعوا ان يصمدوا اكثر من 20 شهراً في وجه نظام لم يتورَّع عن استعمال كل اسلحته بما في ذلك المحرمة منها. لا بل استطاعوا ان يتقدموا جغرافياً وعلى نحو لم يكن يتصوره احد. وعدم القدرة المذكور أعلاه لا يعود الى عدم رغبة الدول المذكورة في سقوط الاسد ونظامه، بل الى عدم قدرتها على التدخل العسكري المباشر لترجيح كفة الثوار بسبب غياب موقف دولي موحد حيال ذلك، والى عدم قدرتها على مدهم بالاسلحة التي تمكنهم من التقدم السريع على طريق اسقاط النظام بسبب رفض الولايات المتحدة ذلك. ويبرر البعض من المصادر الديبلوماسية الغربية اياها رفضها بأمرين. الأول، خوفها من تحوُّل سوريا بعد سقوط النظام الى دولة "افغانية – طالبانية" وخصوصاً بعد تصاعد دور الاسلاميين المتشددين في اوساط الثوار، او الى دويلات من هذا النوع الأمر الذي يجعل قلب العالم العربي ملاذاً آمناً للـ"ارهابيين" الاسلاميين، كما لغيرهم. وفي ذلك خطر كبير عليها وعلى المجتمع الدولي. أما الأمر الثاني فهو مصلحة اسرائيل التي لا تستطيع قبول سقوط سريع لنظام الاسد الذي كانت تتلاقى مصالحها مع مصالحه لأنه سيؤدي الى قيام سريع لدولة اسلامية تكفيرية على حدودها. ولذلك فإن مصلحتها الحالية تقضي باستمرار الحرب وبتدمير سوريا وبزوالها دولة يمكن ان تشكل تهديداً لها. وربما من أجل ذلك لا تزال الولايات المتحدة ورغم ضغوط عربية واسلامية عدة تتريث أو بالأحرى ترفض تزويد الثوار السلاح الذي يمكنهم من الانتصار.
هل من انعكاس لاستمرار الازمة – الحرب في سوريا من دون حسم مدة طويلة على لبنان؟
طبعاً لا يمكن ان يكون الانعكاس الا سلبياً. علماً ان حسمها في اتجاه أو في آخر ستكون له تداعياته اللبنانية. ولن تمنع ذلك المواقف الدولية (اميركية – اوروبية) الناصحة المسؤولين اللبنانيين بالمحافظة على الاستقرار الأمني، وخصوصاً اذا انقاد الطرفان الاكبر في لبنان المصطف واحد منهما مع الثوار والآخر مع النظام في سوريا الى عواطفهما المذهبية، ونقلا حربهما التي يخوضانها في الداخل السوري على نحو غير مباشر الى الداخل اللبناني. واذا اعتقد الاثنان او احدهما ان العالم سيهتز لذلك فانهما يكونان مخطئين. فلبنان لم يعد مصلحة حيوية لأميركا الا من زاوية التهديد الذي يشكله "حزب الله" لاسرائيل ومعنى ذلك معروف.

السابق
ثوابت سليمان والمقاولات السياسية
التالي
السفير: الرئيس سليمان لن يعدم وسيلة من شأنها أن تدفع للعودة الى الحوار