أيها الإبرهيمي المتطفل استقل؟

عندما جاء هنري كيسينجر عام 1973 الى لبنان استقبل في مطار رياق، فسأل لماذا لم يهبط في مطار بيروت؟ فقيل له " لأن الفلسطينيين يسيطرون على طريق المطار"، فعلّق قائلاً: " إذاً لماذا لا يتسلمون السلطة في لبنان؟"
ولأن الشر يصنع حتفه بيده ها هو الاخضر الابرهيمي يدخل الى سوريا عبر مطار بيروت بعدما قطع الثوار طريق مطار دمشق بالنار، ذلك ان النظام السوري هو الذي صنع المحنة اللبنانية وحروب الآخرين في لبنان، وهو الذي يشكو الآن من حروب الآخرين على ارض سوريا … فسبحان الله !
واذا كان دخول الابرهيمي الى سوريا عبر مطار
بيروت يشكل مؤشراً مهماً لواقع الوضع الامني في
دمشق، فإن تصريحات وزير الاعلام عمران الزعبي تشكل مؤشراً مهماً ايضاً ولكن لرغبة النظام السوري في نسف مبادرة "جنيف – 2" ( نشرت هذه الزاوية نص بنودها الخمسة الاسبوع الماضي) التي اتفق عليها الاميركيون والروس ويحملها الابرهيمي الذي كان قد طلب موعداً للقاء الرئيس بشار الاسد وإضطر الى ان ينتظر ثمانية ايام في القاهرة!
والابرهيمي الذي عمل وسيطاً في الازمة اللبنانية وعرف طريق دمشق – بيروت لم يكن ليتحمل عناء السفر الى سوريا عبر بيروت – دمشق، لو لم يكن قد حصل على موعد من الاسد، لكن عندما يقول الزعبي في اللحظة التي عبر الحدود "ان الحكومة السورية لم تعلن عن زيارة الابرهيمي ولا علم لها بما اذا كان قادماً الى سوريا ومتى "، فذلك يعني ان النظام يتعمّد توجيه صفعة قوية ومهينة الى الابرهيمي عبر إظهاره كديبلوماسي متطفل انتظر اسبوعاً في القاهرة لتحديد موعد مع الاسد ثم عبر خلسة الى سوريا !
واضح ان الهدف من إهانة الابرهيمي إحراجه لإخراجه ودفعه الى الاستقالة قبل ان يتمكن من تسليم الاسد نص مبادرة "جنيف – 2"، وبهذا لا يكون الرئيس السوري هو من رفض المبادرة لكنها سقطت في الطريق الى دمشق عبر استقالة الابرهيمي، الذي يبدو انه عرف ابعاد هذه اللعبة واراد إفشالها فذهب الى الاسد لتسليمه المبادرة رسمياً على طريقة " اللهم اني قد بلّغت"!
عندما يقرر النظام نسف مبادرته المعلنة على لسان فاروق الشرع والتي رفضتها المعارضة لأنها لا تنص على تنحي الاسد، ثم يحاول نسف مهمة الابرهيمي كي لا يتسلم المبادرة الاميركية – الروسية، فان ذلك يعني في شكل واضح ان قراره هو الاستمرار في الحل العسكري الى النهاية، بما يؤكد ان فصول المأساة ستطول في ظل موازين القوة الراهنة … وان الطريق الى طرطوس تبقى ورقة الاسد الاخيرة !

السابق
الثورة السوريّة: العقل والقلب
التالي
تمنّيات اللبنانيّين