نهاية الاستفتاء … هو البداية !

انتهت معركة الاستفتاء على الدستور في مصر، وبدأت معركة العمل على الغاء الدستور! بمعنى أن الرئاسة المصرية ومَن يدعمها من التيارات الإسلامية اختارت طريق الحرب المستدامة من أجل السيطرة على الدولة والمجتمع. وكما في كل صراع بين طرفين مستشرسين أظهرت نتيجة الاستفتاء الحقيقة الخالدة وهي أن الغالبية الساحقة من الناس تنأى بنفسها عن الصراع السياسي أو الدموي لأنها تريد شيئاً آخر هو الاستقرار والطمأنينة والحياة الكريمة والآمنة. وأهم من ال نعم أو ال لا للاستفتاء كانت نتيجة الذين أداروا ظهورهم للصراع وللصناديق وانهم هم الأكثرية الساحقة الصامتة. وبهذا تفقد نسبة الاقتراع ايجاباً أو سلباً أهميتها لأنها نتيجة تعبير عن صراع بين أقليتين!

لو كان الحكم سوياً في مصر لما اقترن بكل هذه المظاهر الشاذة عند قمة هرم السلطة. ومثالها الأبرز هو نمط اختيار الرئيس مرسي لرجال في المسؤوليات العليا.

والنائب العام الذي عيّنه مرسي أثبت أنه شخصية مهزوزة، فقبوله التعيين لم يشرف الرئيس، وباستقالته لم يشرف القضاء، وتراجعه عن الاستقالة لم يشرف نفسه! واستقالة نائب الرئيس هي مثال آخر عن الخلل عند قمة هرم السلطة. أما ما يتردد عن استقالة رئيس البنك المركزي هو الطامة الحقيقية الكبرى سواء أكانت صحيحة أم لا. ذلك ان السر الذي يعرفه الجميع هو أن الاقتصاد المصري في وضع كارثي يهدّد بأوخم العواقب… وبدلاً من أن يوجّه الرئيس اهتمامه أولاً وأخيراً الى هذا الواقع الخطير، وما يتطلبه من استقرار الحياة السياسية، ذهب على النقيض الى شنّ حرب مستدامة للسيطرة على الدولة بعقلية زعيم العشيرة لا بذهنية رئيس الدولة!

ذهب الرئيس مرسي وداعمه من من الإخوان المسلمين والتيارات الاسلامية الى تطريز شرعية شكلية بوسائل ديموقراطية لتأبيد حكم دكتاتوري باسم الله والدين. والمهمة لم تكن صعبة لأن هذه الجماعات متمرّسة في غسل دماغ الجماهير، وتعبئة أنصارها بما يوحي انها تمثل الغالبية، وإبعاد الخصوم والمعارضين بأساليب النبذ والإقصاء والكراهية. والمهمة تكون أسهل عندما تكون هذه الجماعة ممسكة بزمام السلطة ومتحكّمة بمفاصل الدولة. وخلافاً لما يعتقده الرئيس مرسي وجماعته، فان نهاية الاستفتاء على الدستور هو البداية!   

السابق
الإبراهيمي يصل إلى دمشق برا
التالي
لافروف: استخدام سوريا للأسلحة الكيميائية سيكون بمثابة انتحار