فن الاحتيال

يكفي أنْ تتعطّل سيارتك أو أنْ تفكِّر ببيعها وشراء واحدة أخرى حتى تكتشف بالعين المجرّدة المستوى الذي وصلت إليه الأخلاق في المجتمع اللبناني.
سوف تشاهد بأم عينيك الكثير من الناس على حقيقتهم في ممارسة الخداع والتضليل واتباع أساليب اللف والدوران، وسوف تسمعهم وهم يحلفون بالله وبأولادهم وبزياراتهم للأراضي المقدسة أنّهم صادقون في ما يقولونه لك أو في ما يبيعونه إليك. لكن سرعان ما تسقط جميع الأقعنة وتظهر الوجوه كما هي بألوانها الأصلية حين تتيقَّن في لحظة إحباط طارئة من أنّ لا أحد صادقا في هذا البلد!
صار الغش سمة أساسية للناس خصوصا في مصلحة بيع وشراء السيارات المستعملة، فمعظم معارض السيارات المتواجدة في المناطق اللبنانية تتعامل بطريقة تُخفي عن الشاري عيوب السيارات المستوردة من الخارج من أجل إتمام البيع حتى ولو كانت السيارة في بلدها الأصلي تعرّضت لحادث كبير أو غرقت في أحد الأعاصير التي ضربت الولايات المتحدة الأميركية مؤخّرا.
كل ذلك يتم التستر عليه للإيقاع بالناس وسرقة أموالهم، بل والأنكى من ذلك أنّ هذا الاحتيال المفضوح يتم تحت عيون وسمع أجهزة الدولة التي تسمح لهذه النوعية من التجار المرتزقة أنْ يستوردوا إلى البلد سيارات مضروبة كي يُصار إلى بيعها في السوق.
والسؤال الذي يطرح نفسه: لمصلحة مَنْ يحصل ذلك، وأي مافيات هذه التي تعمل على تمرير سيارات مقطّعة الأوصال ليتم تجميعها لاحقاً في مكان مجهول؟
صحيح أنّ الدولة أعلنت عن أنّها لن تسمح بتكرار هذا الأمر، وعن أنّها سوف تضرب بيد من حديد أي محاولة لإدخال سيارات معطوبة، لكن حين النظر إلى الواقع كما هو سرعان ما يتبخّر الإحساس بالأمان الذي تحاول الدول ضخه في شراييننا لأنّ فن الاحتيال عند اللبناني لا يضاهيه أي فن آخر.  
 

السابق
علوش: لا حوار لقوى 14 آذار مع رئيس الحكومة
التالي
رئيس الحكومة يتخلى عن المفتي