فضل الله: بادروا الى الحوار فالوقت ليس وقت تسجيل نقاط

ألقى العلامة السيد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك، في حضور عدد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية، وحشد من المؤمنين، استهلها بالحديث عن سيرة الامام الكاظم، داعيا الى تبني اسلوبه، و"اعتماده في واقعنا الذي يضج بالخلافات الطائفية والمذهبية والسياسية، ليكون بديلا من أسلوب رد الفعل، الذي نعتمده غالبا، أسلوب رد الصاع صاعين، لنمنع به كل الموترين والساعين إلى صناعة الفتن من أن يملكوا الحرية في واقعنا، وأن يربكوا واقعنا ويستفيدوا من سرعة انفعالاتنا وعدم الحكمة في التعامل مع اختلافاتنا، أن يشغلونا عن قضايانا الكبيرة التي تنتظرنا وكم خسرنا من القضايا الكبرى عندما سمحنا لانفعالاتنا وعصبياتنا أن تمتلكنا! فلا نخرج من فتنة إلا وندخل في أخرى، وها هي فلسطين، بكل معاناتها القديمة والجديدة، شاهدة على ذلك، ومع الأسف فإن هذه المعاناة، حيث يواصل العدو الصهيوني سياسته الاستيطانية في الضفة الغربية والقدس، بشكل لافت وهستيري، ويمعن في أعمال القتل والاعتقال، إضافةً إلى استمراره في خروقاته للهدنة في قطاع غزة".

اضاف: إن كل هذا الواقع الميداني لا يمكن أن يواجه إلا بمزيد من العمل في توحيد الساحة الفلسطينية، وتصعيد المقاومة لهذا العدو باللغة الوحيدة التي يفهمها، لغة الحجر والبندقية، وبعدم الرضوخ لكل الضغوط التي يمارسها العدو لتقديم التنازلات.
وعلى الشعوب العربية والإسلامية والحكومات أن تبقى مع هذا الشعب، فلا تتركه يواجه مصيره وحده".

وقال:"اما في مصر، فإنه رغم أهمية خطوة إجراء الاستفتاء، وأجواء الهدوء التي تلته، والتي نأمل أن تستمر، فلا يزال الانقسام على حاله، بل إنه يتعمق أكثر، ما قد ينعكس سلبا على صورة هذه الثورة ومشروعها التغييري الذي ينتظره كل مواطن أيد هذه الثورة وبذل الغالي والنفيس من أجلها، بينما يعمل العدو الذي يخشى أن تعود مصر قوية حاضرة في الساحة العربية والإسلامية، للاستفادة من كل أجواء التوتر والاضطراب الداخلي في مصر.

وتابع :"إننا نعيد التأكيد على الشعب المصري وقياداته ضرورة تجاوز كل الحسابات الخاصة والفئوية والحزبية، وتعزيز لغة الحوار الداخلي حول كل القضايا، للخروج بهذا البلد من أزمته، من أزمة الصراع الداخلي والشارع المضاد، في الوقت الذي يعاني الشعب من أزماته المزمنة على مختلف المستويات".

وعن سوريا، قال فضل الله:"أما سوريا، فإنها لا تزال تعاني من انعدام فرص الحلول الأمنية والسياسية، ما يبقي هذا البلد في دائرة الاستنزاف للبشر والحجر والاقتصاد، وكل مواقع القوة فيه، ونرى أن هذا الاستنزاف ينطلق من سياسة استكبارية تستهدف إضعاف الجميع، ليكون هذا البلد طيعا لسياسات الآخرين لا حول له ولا قوة. ومن هنا نعيد التأكيد على كل مكونات هذا البلد، وعي خطورة تحوله إلى ساحة تجاذب دولي وإقليمي، أو ساحة صراع طائفي ومذهبي، أو مكان لتصفية الحسابات.. وأن يستغلوا أية فرصة لتسوية عادلة تجنب وقوع سوريا كلها في الهاوية.

وقال:"اما العراق، فلا يزال تحت ضغط التفجيرات الوحشية التي تطاول أهله والزائرين للعتبات المقدسة، كما حصل أخيرا، حيث يراد لهذا البلد ألا يستقر وأن يبقى عرضة للاهتزازات التي تأخذ طابعا طائفيا ومذهبيا وآخر قوميا، حتى لا ينهض، ويبقى يعاني من أزماته الداخلية والخارجية".إن الشعب العراقي مدعو لتوحيد صفوفه، لمواجهة كل هؤلاء التدميريين في هذا البلد وكف أيديهم عنه".

وعن الوضع في لبنان، قال فضل الله:"ويبقى لبنان أسير انتظار المواقع السياسية لما يجري حوله، في وقت يضج واقعه بالأزمات الاقتصادية والأمنية والاجتماعية، والمهاجرين الوافدين إليه نتيجة ما يجري في سوريا.. ومع الأسف، فإن ما يجري على أرضه يبدو وكأنه لا يعني المسؤولين فيه. لقد آن الأوان للبنانيين أن يستفيدوا من كل تاريخهم وتجاربهم، وأن يعوا أن العلاج لواقعهم لن يأتيهم من خلال سياسة الاستقواء بهذا المحور الدولي أو الإقليمي أو بالتغيرات في هذا البلد أو ذاك، بل من خلال تعميق وحدتهم الداخلية، والعمل سويا لحل أزمات البلد ومعاناته".

اضاف:":ان اللبنانيين قادرون على تجاوز كل أزماتهم إن هم جلسوا حول طاولة واحدة وتركوا جانبا كل طموحاتهم الخاصة وحساسياتهم الطائفية والمذهبية، وفكروا بمصلحة إنسان هذا البلد ومستقبله الذي تزداد معاناته يوما بعد يوم".لقد كفر اللبنانيون بكل هذا الانقسام الحاد الذي بات يعطل مصالح المواطنين، ويعيق تطوير واقعهم الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والإنمائي.

وتوجه الى المسؤولين بالقول:" أيها المسؤولون، إن من حق اللبنانيين عليكم أن يعيشوا في بلد تعمل فيه المؤسسات، لا بلد كل جهة فيه تملك حرية تعطيل المؤسسات كل ما اقتضت مصالحها.. لذا، بادروا إلى اللقاء والتواصل والجلوس إلى طاولة الحوار في المجلس النيابي، فالوقت ليس وقت تسجيل نقاط وسجالات وتصفية حسابات حيث الأرض تهتز من حولنا.
أيها المسؤولون، البلد أمانة في أعناقكم، فاحفظوه قبل أن يفوت الأوان".   

السابق
الرواية الكاملة لتعقب جثة الصدر
التالي
الدفاع الروسية: إحدى بوارجنا الحربية رست في ميناء إيراني