رئيس الحكومة يتخلى عن المفتي

طلب مجلس شورى الدولة وقف تنفيذ دعوة مفتي الجمهورية محمد رشيد قباني لاجراء انتخابات المجلس الشرعي نهاية العام الجاري. الدار سترد على قرار شورى الدولة مطلع الأسبوع المقبل، المستقبل يراقب، ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي يقول ان التأجيل «تقني»

«باع ميقاتي مفتي الجمهورية». هذه الكلمات القليلة كافية للتعبير عما يشعر به مقربون من المفتي محمد رشيد قباني بعد صدور قرار مجلس شورى الدولة الذي طالب بوقف تنفيذ قرار الاخير بالدعوة إلى انتخاب أعضاء «المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى»، نهاية الشهر الجاري. المؤكد بالنسبة إلى هؤلاء ان «ميقاتي باع المفتي». لكن حتى الآن «لا يمكن تحديد الثمن الذي قبضه من الرئيس فؤاد السنيورة». فـ«الحياد السلبي» الذي انتهجه رئيس الحكومة، بحسب مقربين من المفتي، «سمح لاعضاء المجلس الشرعي الاسلامي الاعلى بالطعن في الدعوة الى الانتخابات». كما ان «الصمت الذي اتبعه ميقاتي سمح لهم بالتهديد بشقّ المجلس الى مجلسين»

يفصّل هؤلاء «الحركات» التي جرت تحت انظار رئيس الحكومة من دون ان يعترض عليها. «فمن كتب الطعن الذي قدمه اعضاء المجلس الشرعي هو سهيل بوجي (الأمين العام لمجلس الوزراء) ومن أعدّ الدراسة القانونية لها هو بوجي أيضاً». المشكلة الاساس، بحسب المقربين من مفتي الجمهورية، تكمن في «عدم تصرف ميقاتي كمسؤول ورمز سني، خصوصاً أنه شاهدٌ على اتجاه الامور بين دار الافتاء واعضاء المجلس المقربين من تيار المستقبل نحو الاسوأ، وهذا ما يوجب عليه التحرك حتى لا ينقسم المجلس». منذ أن وصل رد مجلس شورى الدولة الى دار الافتاء في عائشة بكار، اول من امس، ينكبّ قانونيو الدار على درس قرار القاضي شكري صادر. المعنيون بالملف الانتخابي في دار الافتاء وحقوقيوه سينتظرون حتى مطلع الاسبوع المقبل للتعليق رسمياً على القرار. ولكن بحسب مصادر في دار الافتاء تحدثت الى «الأخبار»، فإن قرار «شورى الدولة» غير ملزم لأن «المشرّع الذي اعطى المجلس سلطة على رئيس الجمهورية والحكومة لم يعطها له على السلطات الدينية». ولكن من باب الاحترام للقضاء، قد تستجيب الدار وتعمد الى إرجاء الانتخابات، «رغم انه لم يصدر مثل هذا القرار حتى اللحظة».

إرجاء الانتخابات سيشكّل سابقة ستعني «الزام كل مفتٍ في المستقبل بقرارات شورى الدولة، وكذلك إلزام رؤساء الطوائف الاخرى بقرارات هذا المجلس». وتشرح المصادر المقربة من المفتي ان «المشرّع اعطى الطائفة السنية الاستقلالية في ادارة شؤونها الوقفية والتشريعية، لذلك تصدر القوانين من دار الافتاء وليس من مجلس النواب». لذلك تستغرب اوساط المفتي ردّ مجلس الشورى في الاساس، مذكّرة بأن طعوناً في انتخابات المجلس الشرعي قُدّمت اليه عام 2005 «فقبلها في الشكل، لكنه ردّها في الاساس لعدم اختصاصه».
رئيس الحكومة نجيب ميقاتي قال لـ«الأخبار» ان «الانتخابات ستؤجل تأجيلاً تقنياً الى ان تصبح الدعوة قانونية». وأوضح ان «الانتخابات ستتأخر 45 يوماً كحد اقصى». وسيتم خلال هذه الفترة نشر لوائح الشطب كما ينص القانون، على ان يدعو المفتي قباني خلال شهر كانون الثاني المقبل الى اجراء الانتخابات التي ستجري نظرياً في 30/1/2013. وتشدّد اوساط ميقاتي على ان «انقسام المجلس الشرعي مجلسين خط احمر»، مشيرة الى أن «تأجيل الانتخابات شهراً اضافياً يعني حماية المجلس من الانقسام، وحتى تكون الدعوة قانونية مئة في المئة».

لكن أوساط دار الفتوى تخشى من أن انتظار بتّ مجلس شورى الدولة القضية وإصداره قراراً نهائياً «يعني ان الانتخابات ستؤجل لأربعة أشهر على الأقل». وشدّدت على أن إجراء الانتخابات حاجة ملحّة خصوصاً ان بعض «الاحزاب السنية تواصلت معنا طالبة اجراءها لان ما يقوم به تيار المستقبل هو احتكار للطائفة»، وكل ما يسعى اليه«المستقبل هو «تأخير اجراء الانتخابات».
من جهته، لفت عضو المجلس الشرعي محمد خالد مراد، أحد الطاعنين في دعوة المفتي، إلى ان «قرار مجلس شورى الدولة قضى بوقف تنفيذ دعوة مفتي الجمهورية، اي وقف عملية الانتخابات». وأكد ان قرار المجلس «مؤقت، لكنه ملزم ونافذ. اما الالتباس الحاصل حول اختصاص المجلس فالردّ عليه هو ان مجلس الشورى لم يتدخل في المسائل الشرعية والدينية والعقدية». يضيف مراد ان «المسألة الراهنة هي ادارية وتنظيمية، والقرارات التي لها مسائل ادارية وتنظيمية بعيدة عن القرارتا الدينية» مما يعني اختصاص مجلس الشرعي في الدعوة. وكرّر مراد أن سبب الطعن هو «عدم صلاحية مفتي الجمهورية في تحديد تاريخ الانتخابات. وعندما اجتمع المجلس الشرعي عام 2011 قرر التمديد لنفسه لان الظروف لم تكن تسمح باجراء الانتخابات»، مشدداً على ان المجلس الشرعي «هو الذي يحدد توقيت اجراء الانتخابات لان قراره انشائي، بينما قرار المفتي قرار اعلاني».
حالياً الجميع ينتظر رد دار الافتاء والقرار النهائي لمجلس شورى الدولة الذي قد يستغرق شهوراً. في هذه الفترة، سينتظر المقربون من تيار المستقبل في المجلس ما سيصدر عن شورى الدولة ورد فعل المفتي قباني. ولكن، في حال تمت الانتخابات فعلاً بعد 45 يوماً، لا يستبعد أن يخرج اعضاء المجلس أرانب أخرى من قبعاتهم.  

السابق
فن الاحتيال
التالي
إشاعات تنتشر..حزب الله يتدرب على استخدام الكيماوي السوري