جنيف – 2 إلى مقبرة اليرموك؟!

بعد قصفه بالطيران ودكّه بالمدفعية ومحاصرته بالدبابات، يبدو واضحاً ان بشار الاسد يسعى الى وضع الروس والاميركيين امام خيارين أحلاهما مرّ، فإما ان يدفن مبادرتهم الجديدة "جنيف – 2" التي لم تلحظ مستقبلاً سياسياً له او لنظامه، وإما ان يدمر ما تبقى من مخيم اليرموك المنكوب على رؤوس الفلسطينيين!
الاخبار التي نقلتها الوكالات امس من دمشق اجمعت على ان اقتحام المخيم ينتظر الامر السياسي، وفي موازاة ذلك يبدو ان الاخضر الابرهيمي ينتظر بدوره ضوءاً أخضر يحدد له موعداً مع الاسد لكي يبلغه رسمياً نص المبادرة التي حصل اتفاق روسي – اميركي عليها وتتألف من خمس نقاط (نشرت هذه الزاوية نصها يوم الثلثاء الماضي).
قبل ان يصل الابرهيمي الى القاهرة الاحد الماضي حيث أطلع نبيل العربي على المبادرة المذكورة، كان قد طلب موعداً من الاسد لكنه لا يزال يقبع متبرماً في القاهرة منذ ستة ايام، في حين بدا للروس وللاميركيين ان الاسد يحاول ان يلعب معهم، عبر حصار مخيم اليرموك، ورقة العصا والجزرة، بمعنى انه يريد القول، إذا كانت مبادرة "جنيف – 2" تشكل استنساخاً للحل اليمني الذي سيفضي الى إزاحته عن السلطة في نهاية آذار المقبل لمصلحة حكومة وحدة وطنية تنظم انتخابات جديدة، فإنه ليس مضطراً الآن، بعد كل ما جرى، الى التخلي عن الطريق الذي اختاره منذ البداية اي الحل العسكري مهما كلف الامر حتى لو كان الدم في اليرموك فلسطينياً. فها هو وليد المعلم يبلغ بان – كي مون هاتفياً ان المجتمع الدولي مسؤول عن معاناة الفلسطينيين اصلاً وان ما يجري في اليرموك "إشتباكات بين ارهابيين ممولين من الخارج وعناصر من المخيم شكّلتها اللجان الشعبية"!
تتضح معالم لعبة المقايضة التي يريدها النظام في مخيم اليرموك عندما نعرف ان موسكو قامت، بعد اتصالات فلسطينية حثيثة معها، بتوجيه رسالة الى الاسد طالبته فيها بوقف قصف المخيمات، محمّلة اياه مسؤولية الدماء الفلسطينية ومحذّرة من "ان صبرا وشاتيلا جديدة بأيدٍ سورية ستكون عواقبها وخيمة".
أما عندما تعلن واشنطن ان قصف اليرموك يمثّل تصعيداً كبيراً وينذر بالخطر وانه يمثل ايضاً تقويضاً لدعوة فاروق الشرع الى "تسوية تاريخية وتشكيل حكومة وحدة وطنية"، فإن ذلك يوحي بأن اميركا كانت قد وجدت في "مبادرة الشرع" محاولة شخصية من الاسد تهدف الى فتح الباب امام بازار الحلول بما قد يساعده على الخروج من مأزقه الخانق، في حين كان من الواضح انها محاولة لقطع الطريق على "جنيف – 2" التي يريد الاسد، كما يبدو وكما يعرف الابرهيمي جيداً، دفنها في "مقبرة اليرموك"! 
 

السابق
اسرائيل تدعو مجلس الامن الى تجريد حزب الله والجنوب من الاسلحة
التالي
ميقاتي ينزع القطن من أذنيه