الإبراهيمي يتجـه نحـو الاسـتقالة

هل تستهلك الأزمة السورية الوسطاء الدوليين؟ الأخضر الإبراهيمي قد يكون اختار السير على طريق سلفه كوفي انان: الاستقالة.
مصدر ديبلوماسي أوروبي قال لـ«السفير» إن المبعوث الأممي العربي إلى سوريا، بات يهدد بتقديم استقالته، إذا لم يبادر الرئيس السوري بشار الأسد إلى تحديد موعد لاستقباله في دمشق، وفي زمن قريب.
وقام الإبراهيمي بالأمس، بإبلاغ نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف بنيّته الاستقالة من منصبه إذا لم تمارس روسيا ضغوطا وعدت بها، لتسهيل اللقاء بالرئيس الأسد وتأمين موعد قريب معه في دمشق، كما قام الإبراهيمي بإبلاغ مساعد وزيرة الخارجية الأميركية المكلّف بالملف السوري وليام بيرنز، بالخطوة التي يعتزم القيام بها في حال إخفاق
موسكو بالوفاء بتعهداتها تسهيل ودعم مهمته في دمشق.
ونقل الديبلوماسي الأوروبي عن الإبراهيمي قوله لبوغدانوف إنه لن يكــــون أي معنى لمهـــمته بعد اليوم إذا لم يتمكن من نقـــل عناصر خطته مباشـــرة إلى الأسد.
وكان لقاء روسي ـ أميركي في جنيف الأسبوع الماضي قد توصل إلى اتفاق بينهما على تفعيل مهمة الإبراهيمي وإيفاده إلى دمشق لإبلاغ الأسد بفحوى التسوية الأميركية ـ الروسية الأولية، ودعوته إلى وضع موافقته على اتفاق جنيف الموقّع في 30 حزيران الماضي موضع التطبيق. بيد أن الإبراهيمي ينتظر منذ عطلة نهاية الأسبوع في القاهرة موافقة الرئيس السوري على استقباله، معترضا على أي زيارة يقوم بها إلى دمشق لا تقوده مباشرة إلى القصر الرئاسي، وتجعله ينتظر أربعة أيام، كما في الزيارة الماضية، قبل أن يتمكن من لقاء الأسد.
وبالتهديد بالاستقالة يلقي الإبراهيمي بالكرة في ملعب الروس مرة ثانية، بوصفهم الضامن الأساسي لتعهدات النظام السوري في إطار اتفاق جنيف وأشد المطالبين بإفساح المجال أمام الرئيس السوري للمشاركة في العملية السياسية، وإحداث اختراق سياسي في جدار الأزمة.
وبغض النظر عن جدية التهديد، الذي لا يعتقد ديبلوماسي أوروبي على معرفة وثيقة بالملف، أن الإبراهيمي قد يبادر إلى تنفيذه بالفعل، فقد وعد الروس المبعوث الأممي بالعمل سريعا لإقناع الأسد باستقباله، من دون المرور كالعادة بلقاءات قي وزارة الخارجية السورية.
ويأتي الإبراهيمي إلى دمشق متسلّحا للمرة الأولى منذ تكليفه المهمة في آب الماضي، بتقارب روسي ـ أميركي، وهو ما لم يحظ به سلفه كوفي أنان، الذي اضطر للاستقالة لفقدانه هذا الدعم الروسي ـ الأميركي الضروري لمخاطبة جميع الأطراف، لا سيما الأسد. ولكن الرئيس السوري لا يزال يمتــــنع عن إعطائه فرصة إبلاغه الخطة التي أمكــــن التوافق عليها في جنيف، والتي تفرض عليه تقديم تنازلات يعتـــقد انه لا يزال بإمكانه تفادي شروطها، وأن نظامه لا يزال في وضع عســـكري وسياسي داخلي يؤهّله الحـــصول على تسوية أفضل مما يعرض عـــليه في الوقـــت الحاضـــر، وربما قلب الأوضاع في النهاية لمصـلحته.
والحال أن الخطة التي يحملها الإبراهيمي هي ليست أكثر أو اقل من دعوة الأسد إلى تنظيم خروجه من السلطة تحت رعاية روسية ـ أميركية، من دون ضمانات تتعلق بمستقبله السياسي. وكان متوقعا أن يطلب الإبراهيمي من الأسد أن يسمي ممثليه في الحكومة الانتقالية إلى جانب ممثلي المعارضة. والحكومة التي يحمل الإبراهيمي الأمــــر بتشكيلها ستحظى بصــــلاحيات واسعة، كما بات معروفا تهمّش الرئيس وتبقيه في موقع رمزي.
وقال ديبلوماسي أوروبي إن الأسد لم يعد يثق بالروس ربما، بعد التنازلات التي قاموا بتقديمها في جنيف لتسهيل الاتفاق مع الأميركيين، وتهميشه خلال المرحلة الانتقالية، من دون أن يتضح موقفهم في المفاوضات من مطالبته بحق التقدم إلى انتخابات رئاسية في منتهى العملية الانتقالية ربيع العام 2014.
وإلى جانب الحكومة الانتقالية تتضمن الخطة الإبراهيمية، المستوحاة بكليتها من اتفاق جنيف، وقفا لإطلاق النار وإنشاء قوة فصل ومراقبة وقف إطلاق النار. وبدأت الأمم المتحدة العمل عبر دائرة قوات حفظ السلام العمل على تكوينها، وتجنيد قوة من أربعة إلى عشرة آلاف جندي دولي. وإذا ما تسارعت الأمور، لا يستبعد ديبلوماسي أوروبي اللجوء إلى عــــديد «اليونيفيل» في جنوب لبنان التي استـــخدم بعضها في قوة المراقبين الدوليـــين المنحلّة، وإرسالهم إلى سوريا، ريثما تتمـــكن العشرون دولة من تشكيل القوة بعد أن استمع مندوبوها إلى طلب أولي بذلـــك خلال لقائهم الجمعة الماضية في نيويورك رئيـــس دائرة حفظ السلام هيرفيه لادسو.

السابق
الرئيس سليمان في موسكو
التالي
النزوح الفلسطيني ومعادلة السلاح بوجه السلاح