هل يسير الإخوان المسلمون على طريق الخلافة ؟

لم يكن ليدرك أحد , أن جلسة بين شاب في الثانية والعشرون من العمر و ستة من أصدقائه , ستكون النواة الأولى لأكبر تنظيم اسلامي حديث , الأقوى على ساحة العالم الاسلامي , سبعة أفراد ينتقلون من الاسماعيلية في مصر في 1928 م ليعيدوا مفهوم الخلافة الاسلامية الى الساحة العالمية في سنة 1982 م مع اعلان مصطفى مشهور الاخوان المسلمين تنظيم عالمي , بعد أن ظن الغرب أنه قضى على هذا المفهوم نهائيا باحتلاله للدول العربية والاسلامية وتقسيمها على أساس عرقي وطائفي و قومي .
"علينا البدء ببناء الفرد المسلم فكريا وأخلاقيا , ثم الأسرة والمجتمع, للإنتقال لبناء سلطة محلية اسلامية بحكومة اسلامية , وبعد تركيز الحكومات المسلمة نستطيع الإنتقال الى توحيد الأمة الاسلامية ويكون لها مرشدا عاما" هذه الفكرة تلخص النهج العام لفكر مؤسس جماعة الاخوان المسلمين الإمام الشهيد حسن البنا.
فاذا ما قارنا أفكار الامام البنا, في ما خص الثورة و طرق القيام بها, وفي ما خص الدولة والوصول الى السلطة, مع واقع الأحداث الحديثة التي شهدها العالم الاسلامي وما زال, وخاصة في ما يخص الثورات الشعبية وتبدل أنظمة الحكم , نستطيع أن نرى بوضوح أن أفكار الامام تتحقق, وان لم تكن بأدق تفاصيلها ,ولكن باطارها العام والى حد كبير في ما يخص مفهوم الثورة والوصول الى السلطة.
فالأفكار انطلقت من مصر , ودرست لشباب مسلمين من مختلف بلاد الأرض , حملوها وتبنوها ونقلوها لرفاق لهم من دولهم , وشكلوا تجمعات تحمل نفس الفكر والنهج في كل دولة, يعملون من أجل بناء تنظيم محلي قوي ليمتد في كافة مناطق الدولة, يعمل على كافة الأصعدة الفكرية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية, منتظرين لحظة معينة لحظة استلام السلطة.
فمرحلة تحقيق فكرة الخلافة, تأتي بعد مرحلة وصول الاخوان المسلمين الى العالمية, وهذا ما تحقق في اعلان 1982وانتخاب مرشدا عاما , وبعد مرحلة تسلم السلطة في دول العالم الاسلامي, وهذا ما نشهده تباعا يحصل في عالمنا الاسلامي في كل من تركيا ومصر وتونس والمغرب وليبيا وصولا الى سوريا , مرحلة لم تنتهي بعد ولكن هي على مشارف الاستكمال.
ففكرة الخلافة تأتي في نظر الامام البنا بعد أن تثبت الحكومات الاسلامية أنها حكومة إسلامية صحيحة الاسلام ، صادقة الإيمان ، مستقلة التفكير والتنفيذ ، وتؤمن بأن الاسلام فيه شفاء شعبها ، وهداية الناس جميعاً, عبر أداء مميز من خلال تطبيق العدالة , ومحاربة الفساد , ونمو الاقتصاد , ونشر الفضيلة والاخلاق, وممارسة سياسية تقوم على أساس الشورى حيث الانتخابات هي الأقرب اليها في أيامنا هذه كما يقول الامام البنا, أي اعطاء نموذج للحكم يجعل الأخرين يطالبون بتحقيقه ,فعندها نستطيع أي "الاخوان المسلمين" أن نطالب الدنيا أن تدعو باسم الإسلام ، وأن نطالب غيرنا من الدول بالبحث والنظر فيه وأن نسوقها سوقاً اليه بالدعوات المتكررة والإقناع والدليل والبعثات المتتالية ، وبغير ذلك من وسائل الدعوة والإبلاغ.
وتطبيق الخلافة في مفهوم الامام البنا, ليس أن تتوحد الدول الاسلامية تحت سلطة حكومة واحدة وتصبح ضمن نطاق جغرافي واحد متصل ,بل من خلال توحيد فكر ونهج واسترتيخية واحدة لحكومات متعددة في ارجاء مختلفة من الأرض لها مجلس عالمي ارشادي عام على رأسه مرشدا عاما يكون كالخليفة, فهل يستطيع الاخوان المسلمون أن يطبقوا هذا النموذج في الحكم لكي يصلوا الى مرحلة الخلافة؟

السابق
مجلس الشورى وافق على ايقاف تنفيذ الدعوى الموجّهة الى اجراء انتخابات المجلس الاسلامي الشرعي الأعلى
التالي
اليرموكيون والخوف من المصير العراقي