علامات الانتصار واضحة

تكاد الأزمة في سورية تصبح أزمة حقيقية بين روسيا والولايات المتحدة الأميركية وجهاً لوجه، إذا بقيت السياسة الأميركية تسير في اتجاه مناقض تماماً لما اتفق عليه في مؤتمر جنيف بخصوص إيجاد حلٍّ سياسيٍّ للوضع في سورية، على قاعدة الحوار بين الحكومة السورية وقوى المعارضة وتحديد الآلية المطلوبة لترجمة مقرّرات جنيف إلى واقع جديٍّ وملموس.

ترى مصادر دبلوماسية عربية، أنه لا يمكن الركون إلى مواقف وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون من الأزمة السورية، مع اقتراب رحيلها عن الخارجية الأميركية، وإذا تأكدت معلومات بعض الصحف الأميركية عن تسمية الرئيس أوباما جون كيري وزيراً للخارجية بعد تسلّم أوباما مهام الرئاسة رسمياً في كانون الثاني المقبل، فذلك يعني أن هناك مؤشرات إيجابية يمكن أن تحصل على صعيد الحلّ السياسيّ في سورية.
وتعتبر المصادر أن عدم حضور كلينتون مؤتمر ما يسمى بـ»أصدقاء سورية» في المغرب، مقدمة لبداية التحوّل في الموقف الأميركي والعودة الحقيقية إلى اتفاق أوباما ـ بوتين، فعدم حضور كلينتون المؤتمر المذكور لم يكن إلا لأسباب سياسيّة كما قال وزير خارجية العراق هوشاري زيباري وغيره من المحللين السياسيين الغربيين، مع الإشارة إلى أن مؤتمر المغرب، والإدارة الأميركية نفسها تعرف، أنه لا يقدّم ولا يؤخر في مسار الأزمة السورية.

وتضيف المصادر، أن المؤشر الثاني في اجتماع المغرب هو الاعتراف بـ»الائتلاف المعارض»، كممثّل شرعي للشعب السوري ولكنه ليس الوحيد مع تأكيد وزير خارجية النمسا أن المجتمعين لم يكونوا مجمعين على الاعتراف بـ»الائتلاف المعارض».

المؤشر الثالث لإمكانية بداية التحوّل الأميركي هو وضع تنظيم «جبهة النصرة» الإرهابي على لائحة الإرهاب وكلّ من يتعارض أو يتعامل معه، وهذا الموقف الأميركي من «جبهة النصرة» اعترض عليه «الإخوان» وطالبوا بإعادة النظر فيه لأن كل المجموعات المسلّحة خارج نطاق «جبهة النصرة» الإرهابية لا قيمة عسكرية لها، وهي بمثابة هيكل عظمي، فقد تبيّن خلال الحوادث في سورية وفي أكثر من منطقة أن تلك المجموعات المسلّحة يقتصر دورها على «التشبيح» من نهب وسرقة واغتصاب واختطاف مواطنين بهدف طلب فدية مقابل إطلاقهم في حين أن من يقوم بالتفجيرات والعمليات الانتحارية بواسطة السيارات المفخخة والمواجهة مع الجيش السوري هي «جبهة النصرة» الإرهابية وأخواتها المتفرعة من تنظيم القاعدة.

المؤشر الرابع عدم اتخاذ قرار في مؤتمر المغرب بتسليح المجموعات في حين أن الجهات التي تضغط من أجل التسليح هي الأتراك والسعوديون والقطريون، وهذا كلّه يتلازم مع حركة إعلامية أميركية ضد المجموعات الإرهابية التي تقاتل النظام في سورية، في حين أن ما يسمى برئيس «الائتلاف الوطني» معاذ الخطيب أعلن في خطابه أنه ضد التدخل العسكري ولكنّه يحتاج إلى السلاح لكي تستطيع قوى «المعارضة» مواجهة قوّات النظام، مع الإشارة هنا وحسب المعلومات المؤكدة أن المدعو الخطيب موظّف في شركة «شل» النفطية ويتقاضى راتباً من دون أن يعمل.

وتضيف المصادر الدبلوماسية، أنه وفي ضوء كل هذه المعطيات والمؤشرات تبقي الإدارة الأميركية الباب مفتوحاً للحوار السياسي مع القيادة الروسية وهو لم ينقطع، وفي الوقت نفسه لا يمكن للأميركيين أن يقدموا أوراقاً أو تنازلات واضحة في هذه المرحلة على الأقلّ قبل تشكيل إدارة أميركية جديدة في الولاية الثانية لأوباما.

وتشير المصادر الدبلوماسية إلى أن المؤشرات الأساسية للحلّ تكمن على الأرض، فهناك تصعيد عسكريّ من قبل المجموعات الإرهابية خلال الشهرين المقبلين ومعارك طاحنة ستحصل وعندما ستجد الإدارة الأميركية أن الدولة السورية الوطنية ما زالت متماسكة وقوية اقتصادياً وعسكرياً تصبح خياراتها محدودة جداً لأن أصعب المراحل في أي حرب هي التحضير للمفاوضات وسير المفاوضات، فالجيش السوري حقق المزيد من الأهداف، وأهمها أن المجموعات الإرهابية فشلت في وضع يدها أو السيطرة على أي مدينة في سورية وتمّ إبعادها إلى خارج المدن، ومعركة دمشق تعتبر فاصلة بالنسبة إليهم ولكن علامات انتصار الجيش السوري واضحة، وأي حلّ للأزمة في سورية لن يتبلور قبل شهر آذار المقبل.

السابق
أحمد جبريل والقضيّة
التالي
حملة مجانية لفحص الدمّ في جزّين