لبنان في قلب معادلة سلبية.. الوضع السوري الرقم الصعب فيها

باستثناء تسلُّم السلطات اللبنانية الامنية دفعة جديدة من جثث الضحايا الكمين الذي نصبه الجيش السوري النظامي لمجموعة لبنانيين شماليين في بلدة تلكخ السورية قبل اسابيع، خلا المشهد الداخلي من أي تطور بارز ما عكس دخول البلاد في مرحلة جمود ستمتدّ حتماً الى بداية السنة الجديدة.

لكن أوساطاً متابعة للمجريات السياسية أشارت لنا الى ان الجمود الظاهري لم يحجب تصاعد الاستعدادات السياسية لدى مختلف الافرقاء اللبنانيين لمرحلة تبدو محفوفة بالصعوبات المتصلة بالأزمة السياسية التي يشهدها لبنان، والتي ربما تحمل مطالع السنة الجديدة بعض التطورات التي من شأنها ان تبلور مسارها.

وتقول هذه الاوساط ان غالبية القوى اللبنانية تعيش تحت وطأة انطباعات ومعطيات تفيد ان العدّ العكسي للأزمة السورية ودخولها مرحلة حاسمة بدأ فعلاً، ولو اختلفت التعبيرات عن هذه المعطيات بين مَن يؤكدها ويراهن عليها علناَ مثل قوى المعارضة اي "14 آذار" او مَن ينكرها ويصمت حيالها مثل قوى "8 آذار" بمجملها، وتالياً فان حسابات هذه القوى باتت مشدودة بالكامل الى الانعكاسات التي سيتركها الانهيار المحتمل للنظام السوري، أو على الاقل التآكل التصاعدي في قدراته، على الوضع اللبناني، وهو امر بات يمكن تلمُّسه بكل وضوح في خلفية كل التحركات والمشاورات والاتصالات وحركة الكواليس السياسية، سواء عبر السيناريوات المتداولة لتغيير الحكومة او الاستعدادات للانتخابات النيابية اواخر الربيع المقبل.

ومع ان ايّ جزم بالاتجاهات التي سيسلكها لبنان في الاشهر المقبلة يبدو صعباً للغاية وأقرب الى التكهن المتسرّع، تقول الاوساط المتابعة نفسها ان ثمة مخاوف متصاعدة لدى فريق المعارضة من ان تكون المرحلة المقبلة مرشحة لأخطار الاستهدافات الامنية وخصوصاً متى ثبت ان النظام السوري بدأ يشارف الانهيار، وفي ضوء ذلك، ترى الاوساط ان لبنان سيدخل معادلة سلبية للغاية، يشكل طرفها الاول فريقٌ يعيش هاجس الاستهداف ويعمد تالياً الى التمسك بمطلب تغيير الحكومة كشرطٍ لاي حلحلة سياسية، فيما يشكل طرفها الثاني فريقٌ يمسك بالحكومة ويراها الورقة الحاسمة بين يديه ولن يتخلى عنها مهما بلغ الضغط لأنها ضمانه الاخير لمواجهة الانعكاسات المتآتية من تطورات الأزمة السورية وامتداداتها.

لذا، تخشى هذه الاوساط ان يدخل لبنان فعلا مع بداية يناير المقبل مرحلة السؤال الكبير المتعلق بانعدام اي افق حقيقي للتوافق على قانون الانتخاب وعلى تغيير الحكومة، والى أي مدى يمكن ان تحتمل البلاد مزيداً من التأزم في وقت تتفاقم معه مختلف الازمات الاقتصادية والمعيشية الخانقة.

وتضيف هذه الاوساط ان بعض الرهانات على جسر التواصل الذي نشأ اخيراً بين قوى "14 آذار" ورئيس مجلس النواب نبيه بري من خلال اللقاءين اللذين عقدا بينه وبين وفد نيابي معارض، بدأ ينحسر في ظل ما برز من فتور في حماسة بري في لقائه الثاني مع الوفد.

وتقول بعض المعطيات ان فريق "8 آذار" بدأ يظهر تصلباً اكبر حيال قانون الانتخاب على قاعدة قد تصبح علنية ومكشوفة وهي ان إجراء الانتخابات على اساس قانون 1960 المعدّل في الدوحة العام 2008 يعني التسبب بإطاحة الانتخابات. اما فريق المعارضة فلن يكون اقل تصلباً على قاعدة ان الاستهداف الأمني المسلط عليه يهدف الى تطويعه سياسياً وانتخابياً واستكمال حلقات الانقلاب السياسي الذي بدأ مع تشكيل حكومة ميقاتي بانتخابات 2013، وهو ما لن يسمح به.

وفي ظل هذه المعادلة، تعتقد الاوساط نفسها ان لبنان سيودّع السنة الحالية ويستقبل السنة الجديدة وسط غموض وضياع كاملين الى ان يطرأ تطور ما من شأنه احياء الآمال بصفقة سياسية شاملة، لكن الرهان على هذا التطور يبدو غائباً تماماً عن أذهان معظم المعنيين في هذه اللحظة السياسية، كما ان تطورات جديدة في المسار السوري الانحداري من شأنها ان تعزز معادلة الخوف المتبادلة لدى فريقي النزاع في لبنان، بما يبقي المشهد الداخلي تحت وطأة الانتظار الطويل وتكبُّد أثمان اضافية سياسية واقتصادية اضافة الى ازدياد الهواجس الامنية المفتوحة في كل الاتجاهات.

السابق
الحياة: الموالاة والمعارضة تفتقدان خريطة طريق لحماية لبنان من التغيير في سوريا
التالي
ياسر الحاج يشنّ هجوماً على الرياضي