الحريري يتراجع.. ميقاتي يتقدّم

أظهر استطلاع للرأي أجرته إحدى الشركات المتخصّصة على عيّنة مدروسة ومنتقاة من أبناء طرابلس، أن رئيس الحكومة السابق سعد الحريري حلّ رابعاً على لائحة من أربع شخصيات طرابلسية، وفي حين أتى النائب سمير الجسر ثالثاً، كان الموقع الثاني على اللائحة من نصيب الرئيس نجيب ميقاتي، وتنصّب على الموقع الأول مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي.
الاستطلاع الذي أربك الحريري بنتيجته، كان في الأساس بتكليف شخصي ومباشر منه، وذلك على أعتاب الانتخابات التي يحضّر لها هو وفريقه السياسي بمليارات الدولارات المموّلة من السعودية وقطر، وهذه النتيجة بحدّ ذاتها كانت الدافع الأبرز لمسارعة الحريري إلى الاتصال بقائد الجيش العماد جان قهوجي واللواء ريفي، على خلفية الاشتباكات التي كانت عصفت في عاصمة الشمال الأسبوع الماضي، حاثاً على ضرورة بذل كل الجهود لوقفها بأي ثمن، خشية من استمرار تواصل تداعياتها على شعبيته الطرابلسية الآيلة في الاساس إلى السقوط والتدني.
اللافت في الأمر أيضاً، وحسب المعلومات أن الحريري الذي أذهلته النسبة المرتفعة لريفي، أوحى للأخير بصرف النظر عن موضوع ترشحه للانتخابات النيابية «لأن مؤسسة قوى الأمن الداخلي بحاجة إليه، وأنه سيصار في وقت قريب إلى تمديد ولايته لمدة ثلاث سنوات جديدة».
وعلى ما يبدو أن اللواء ريفي اقتنع، إن لم نقل غير ذلك، بكلام الحريري صرف النظر عن نيته الترشح للانتخابات، حيث يفترض أنه لو كان الأمر على عكس ذلك أن يقدم استقالته في مهلة لا تتعدى منتصف الشهر الحالي، أي قبل ستة أشهر من موعد الانتخابات وهو ما لم يحصل أقله إلى الآن، كما أنه لم يعد هناك من مجال لاستدراك الأمر؟
أكثر ما أزعج أو يزعج الحريري في هذا الاستطلاع أيضاً، وبصرف النظر عن أولوية ريفي المدرجة فيه، هو تقدم الرئيس ميقاتي عليه، وهو الخصم الأكبر للحريري ولتيار المستقبل، لا لسبب، إلا لأن الميقاتي «تجرّأ» في أكثر الأوقات حرجاً في البلاد، أن يتنكّب المسؤولية ويجلس على كرسي السراي رئيساً لمجلس وزراء، ظنّ الحريري يوماً أنها لن تكون إلا له.
الميقاتي الذي يتقدّم على الحريري بمعدل 14 نقطة (12 للحريري ـ 26 للميقاتي)، وفق برمجة الاستطلاع طبعاً، يدرك تماماً حجم المسؤولية الملقاة على عاتقه تجاه أبناء مدينته، وهو الأقدر على معرفة كيفية المحافظة على ثقتهم التي لا بد أن تُترجم في الانتخابات النيابية المقبلة، وهذا ما يشكّل، الهاجس والقلق الأكبر للحريري على صعيد عاصمة الشمال، بعد أن كانت نسبة شعبيته فيها توازي 3 أضعاف نسبة الميقاتي سابقاً وفق إحصاءات رسمية أيضاً.
كل هذا، إلى العديد من الأمور الأخرى، يجعل الهدف الأساس لتيار المستقبل وحلفائه العمل على إسقاط حكومة يعرف رئيسها تماماً، أن أمور البلاد لا تدار بمثل هذه الكيدية والمناكفات السياسية والمصالح الشخصية.
وهو قالها بالأمس وحَسَم: لا تفكروا بحكومة جديدة قبل قانون جديد للانتخابات، وهو يعي ما يقول: «لن أترك البلاد للفراغ أبداً».  

السابق
رداً على ابتزاز الـ 60 … فليكن، بشرط الطائف
التالي
جبران وسمير رمزان لمقاومة لبنان وانتصاره