بروحية منفتحة وبإصرار وعزم: نعم للحوار البنّاء

لقد التقتْ مصالح الأفرقاء السياسيين حول موضوع واحد هو إفشال أي حركة سياسية سيادية تتيح إعادة إنتاج سلطة تلتزم القانون وما نصّ عليه الدستور اللبناني ، والتقتْ مصالحهم على تمييع وضع قانون انتخاب يكون في مضمونه عادلاً ومتوازنًا. يتماسكون في الشكل أمّا في المضمون فهم مختلفون على تقاسم واردات الدولة وكل واحد يسعى جاهدًا لغرف كل ما يصل إلى يده من مالٍ عام وما يجنيه من خلال توليه السلطة وتوظيف أنصاره ومحاسيبه.

والمؤسف أيضًا أن مجموعة 14 آذار لجأتْ الى مقاطعة دعوات الحوار التي أطلقها رئيس الجمهورية وزكاها البطريرك الماروني في أكثر من مناسبة ، وهذه المقاطعة تخدم مصلحة حزب الله المُهيمن على مقدرات البلاد بواسطة السلاح اللاشرعي والمال الوافد من ايران والمُستثمر في أكثر من قطاع تجاري والذي لا يخضع للضرائب بحجة "المساعدات". والمقاطعة المُتبعة لا تُجدي نفعًا اذ أنها تتلازم وللأسف مع نظام ديكتاتوري مفروض كما أسلفنا بقوة السلاح والهيمنة والغطرسة ، وكل مقاطعة في هذا الاطار تنطوي على مغالطات كبيرة وكما أن مقاطعة المجلس النيابي والحكومة غير جائزة دستوريًا ولها مترتباتها ، وفي نظرنا من اللازم المُشاركة الفعلية في أي دعوة للحوار وتلبيتها لأن حزب الله أمام هكذا استحقاق لا يمكنه التهرب منه بعد أنْ طرح رئيس الجمهورية تصوره للاستراتيجية الدفاعية ، وهذا ما يفضي الى مناقشة هذا الموضوع ، وأي تهرب من المشاركة يُعطل البحث الجدي في موضوع حيوي واستراتيجي وهو الاستراتيجية الدفاعية التي ستُحرج حزب الله انْ تنصل من المشاركة في بحثها ، كما أنه من الواجب المُشاركة في جلسات الحوار لمناقشة موضوع التغيير الحكومي المُلح والتغيب عن الجلسة يُعرقل البحث في هذا التغيير المنشود الذي هو مطلب كل لبناني شريف.

من الواضح أن قوى 14 آذار ليستْ جدية في طرح موضوع حيوي ومطلب مُلح وهو التغيير الحكومي وذلك لعدة اعتبارات وأولها أنها لا تتجاوب ودعوات الحوار في هذا الموضوع ، ومرد ذلك الى أنها ليستْ موحدة في أهدافها ومطالبها ولا تؤثر على مواقع القرار التي يُهيمن عليها بعض من نسَبَ لنفسه حصر التمثيل المسيحي باعتبار أنه أبلغ أكثر من مرجع سياسي وروحي أنه على استعداد تام لعرقلة أي مسعى انْ لم يحصل على حصة كبيرة من هذا التغيير المنشود وانْ لم ينصاعوا لمطالبه ومنها التوافق على ما يراه مناسبًا له شخصيًا ولحلفائه في ما خص قانون الانتخاب الذي سيرسم معالم المرحلة المقبلة ومن خلال اقراره والعمل به والذي في طليعة نتائجه أنه سيُصادر البلاد ومؤسساتها الرسمية وسيرهن الشعب لمصالح خارجية وهي لم تعدْ خافية على أحد. ناهيك عن عجز قوى 14 آذار في ايجاد حلول لمشكلات اللبنانيين السياسية – الأمنية – الاقتصادية – المعيشية ، ما يضعها في مواجهة مع الرأي العام اللبناني ومنها عدم ثقة الناس بهذه المجموعة التي بدت مصالحها على مصالح الناس وعيبت بأعمالها طهارة دماء الشهداء الذين سقطوا في سبيل انجاح ثورة الأرز. وما يستوقفنا في هذه المرحلة السياسية الحرجة تعثر الوضع الاقتصادي وكأن المقصود الهاء اللبنانيين في تدبير أمورهم المعيشية وانصرافهم عن متابعة الشؤون السياسية ومحاسبة السلطتين التشريعية والتنفيذية على التقصير الفاضح ، وهذا الأمر يعني تعطيلا متعمدا للعمل التشريعي ولاقرار قوانين مُلحة وتهربا من المسؤولية ووضع البلاد في حالة فراغ تُلهي الناس وتُدمي قلوبهم الثكلى وتلهيهم عن المطالبة باقرار قانون انتخاب ربما يكون مدخلاً لاعادة توليد سلطة عملاقة تُخرج الوطن والشعب من الأزمة المستعصية والتي انْ طالت ستقضي على الحضور اللبناني وسيصبح شعبنا مشتتًا في كل أصقاع العالم ، وهذا أمر خطير من الواجب أن نتنبه اليه خوفًا من انعكاسه السلبي على تفريغ البلاد من طاقاتها الأصيلة وتوطين بديل عنها مكون من شُتات فلسطيني وسوري وعراقي وغيرهم.

ازاء هذا الأمر الخطير والذي باتَ يُهدد الكيان اللبناني علينا تسمية الأمور كما هي ، ولكي لا تضيع تضحيات أسلافنا من قوى سياسية في السابق وحاضرًا جهود ثوار الأرز علينا جميعًا مقاربة موضوع الحوار من كل جوانبه ولكي لا يبقى الوطن والشعب فريسة هؤلاء الساسة القذرين علينا أخذ المبادرة واعلان حالة طوارئ سياسية – اقتصادية – أمنية ، مبنية على حماية الوطن والمؤسسات والشعب من كل الارتباطات التي يعمل لها هؤلاء الساسة التي لم تجلب للوطن الا الويلات والفوضى ، وعلينا تلبية دعوة الحوار شرط أن تكون مرفقة بجدول أعمال ومهلة زمنية لحل كل المعضلات.  

السابق
الثورة عشية النصر: لا حوار
التالي
تخـوّف إسـرائيلـي مـن انتفاضـة ثالثـة