النهار: الحريري يتوعّد الأسد مباشرة بمحاكمتين

على وقع الوعيد بالاضرابات والاعتصامات الاسبوعية الذي قطعته امس هيئة التنسيق النقابية في مواجهتها المفتوحة مع الحكومة في ملف سلسلة الرتب والرواتب، احتدمت المواجهة القضائية بين لبنان وسوريا عبر "التراشق" بمذكرات التوقيف المتبادلة.

ومع ان هذه المواجهة لم تكن الاولى، وسبقتها تجربة مماثلة في حقبة سالفة، فإنها اكتسبت ابعادا بارزة في ظل الارتباط المباشر والواضح لاصدار سلطات دمشق مذكرات توقيف في حق الرئيس سعد الحريري والنائب عقاب صقر والناطق باسم "الجيش السوري الحر" لؤي مقداد متزامنة مع الخطوات الجديدة التي اتخذها القضاء اللبناني في ملف الوزير السابق الموقوف ميشال سماحة.

واتخذت المواجهة بعدها السياسي الاوسع من البعد القضائي مع هجوم غير مسبوق شنه الرئيس سعد الحريري امس على الرئيس السوري بشار الاسد مباشرة اذ وصفه بانه "وحش كامل المواصفات فقد صلاحيته الاخلاقية والانسانية والسياسية ومطلوب من عدالة الشعب السوري كما سيمثل بالتأكيد امام العدالة اللبنانية وهو الذي شارك عن سابق اصرار وتصميم في عمليات الاغتيال والارهاب وارسال المتفجرات".

وقبل ان تتبلغ السلطات اللبنانية اي شيء رسمي من دمشق في صدد المذكرات الثلاث سارع المحامي العام الاول في دمشق محمد مروان اللوجي الى شن هجوم حاد على الحريري وصقر ومقداد واتهمهم بارتكاب "جرائم ارهابية وتقديم السلاح والمال للإرهابيين في سوريا"، كما حمل على السلطات اللبنانية لعدم "رفعها الحصانة عن الحريري وصقر وتحويلهما على القضاء". واكمل السفير السوري في بيروت علي عبد الكريم علي هذا الهجوم بزيارته لوزارة الخارجية والمغتربين حاملا منها على "فريق لبناني" ومعلنا انه كلف المحامي رشاد سلامة اقامة دعوى "ضد من حرض ومول وسلم السلاح" في سوريا.

ورد رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع على هذه المذكرات بانها "ليست الا حلقة في مسلسل هدر دماء اللبنانيين وبالاخص قيادات 14 آذار وكأنه ليس مصادفة ان تصدر في ذكرى اغتيال جبران تويني لتؤكد المؤكد من نيات الاجرام ومحاولات الالغاء المستمرة واستباحة الحريات".

وفي المقابل، قرر قاضي التحقيق العسكري الاول رياض ابو غيدا دعوة رئيس مكتب الأمن الوطني السوري اللواء علي مملوك ومدير مكتبه العقيد عدنان الى جلسة في مكتب ابو غيدا في 14 كانون الثاني 2013 لاستجوابهما في ملف ادخال المتفجرات من سوريا الى لبنان والتي ضبطت في سيارة سماحة. لكنه قرر عدم دعوة مستشارة الرئيس السوري بثينة شعبان بصفة شاهدة في هذه المرحلة من التحقيق.

وقال مرجع مسؤول لـ"النهار" ان المطالعة التي انجزها مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية صقر صقر والتي طالب فيها باستدعاء مملوك وعدنان هي التي دفعت القضاء الى اتخاذ قرار استدعائهما.
ورأى ان القضاء باصداره هذا القرار فعل ما يجب فعله. وافادت مصادر مواكبة لهذا الملف ان مذكرات التوقيف السورية في حق الحريري وصقر قد عجلت القرار القضائي اللبناني.

مجلس الوزراء
في غضون ذلك، نأى مجلس الوزراء بنفسه عن هذا الملف الذي لم يطرح في جلسته امس، وقرر عدم الموافقة على طلب شعبة المعلومات في قوى الامن الداخلي الحصول على محتويات "داتا" الاتصالات، في مقابل حصر تزويد الاجهزة المعلومات التي تحتاج اليها بالارقام المشتبه فيها.
وقالت مصادر وزارية ان مداخلات عدة طرحت خلال الجلسة تناول فيها وزراء محاذير هذا الطلب. وانتهى النقاش بموافقة المجلس على اعطاء الاجهزة حركة الاتصالات على شكل محدد وحصري بأرقام وبأوقات محددة.

الانتخابات
كما علمت "النهار" ان وزير الداخلي مروان شربل أثار في الجلسة موضوع التحضير للانتخابات النيابية ولفت الى ان الوقت بدأ يدهم الجميع وثمة شواغر كثيرة في وزارة الداخلية على صعيد المحافظين والمدير العام للاحوال الشخصية والمدير العام للشؤون السياسية واللاجئين يفترض ملؤها استعداداً للانتخابات. واجابه رئيس الجمهورية ميشال سليمان بانه يجب التحضير للانتخابات بمعزل عن هذه التعيينات، فاذا حصلت التعيينات فهذا امر جيد واذا لم تحصل يمكن اجراء الانتخابات في ظل الشغور على غرار ما حصل في الانتخابات السابقة.

وصرح شربل لـ"النهار" ليلا بأنه يحضر للانتخابات على اساس القانون الحالي ما دام لا اتفاق على قانون آخر حتى الآن، واكد ان التحضير جار لدعوة الهيئات الناخبة "ليعرف من يريد تقديم استقالته للترشح كما يجري التحضير لتشكيل الهيئة المشرفة على الانتخابات والتي تصدر بمرسوم بالاضافة الى التحضير لانتخابات المقيمين في الخارج". واضاف ان تعيين المحافظين والقائمقامين "سيتم قريبا وليس صحيحا ان هناك خلافات على احد وتأخرنا لأننا نطبق آلية التعيين وهي تحتاج الى وقت".

اما على صعيد المواجهة النقابية – الحكومية، فأبرزت تظاهرة هيئة التنسيق النقابية امس اتجاها الى مزيد من التصعيد. وأعلن اركان هذه الهيئة خلال مسيرة نظمت الى ساحة رياض الصلح ان الهيئة ستنفذ اضرابات واعتصامات وتظاهرات في المدارس وخارجها خلال كل جلسة اسبوعية لمجلس الوزراء. وبرزت حملة حادة للهيئة على رئيس الوزراء نجيب ميقاتي داعية اياه الى سحب الورقة التي قدمها الى مجلس الوزراء في شأن سلسلة الرتب والرواتب.
  

السابق
كتب جديدة: التاريخ لم ينته، والحروب آتية
التالي
السفير: المطارنة الموارنة مع وقف المقاطعة النيابية