السفير: المطارنة الموارنة مع وقف المقاطعة النيابية

تجاوزت الحكومة بسلام أمس اختبار "داتا" الاتصالات، ورفضت بشبه إجماع طلب فرع المعلومات الحصول على محتوى الرسائل النصية لكل الأرقام الخلوية، وعلى المعطيات المتعلقة بالمشتركين في بعض خدمات الانترنت، وتقرر أن يتم تزويد الأجهزة الامنية بالمعلومات العائدة الى الارقام الهاتفية المشبوهة فقط.

وبذلك يكون مجلس الوزراء قد تجنب الرضوخ للضغط الكبير الذي تعرض له من فرع المعلومات وبعض القوى السياسية من أجل كشف مضمون الرسائل النصية على مدى كل لبنان، تحت طائلة تحميل الحكومة المسؤولية عن أي جريمة اغتيال تحصل، واختار المجلس ان يوفق بين ثنائي الأمن والحرية بدلاً من أن ينحاز الى أحد الخيارين على حساب الآخر.

على خط آخر، بقي الشارع مسرحاً لشد الحبال بين الحكومة التي لا تزال تشتري الوقت وتتهرب من استحقاق تمويل سلسلة الرتب والرواتب، وبين "هيئة التنسيق النقابية" التي نفذت أمس إضراباً واسعاً ونظمت تظاهرة من البربير الى السرايا الحكومية، للدفع في اتجاه إيجاد مصادر تمويل للسلسلة، خالية من الضرائب، وإحالتها على مجلس النواب بصفة المعجّل، من دون تقسيط.

مجلس الوزراء
فقد قرر مجلس الوزراء خلال جلسته في القصر الجمهوري، عدم الموافقة على الطلبات المتعلقة بالمعلومات عن محتويات الـ"داتا" Data Session والمعلومات كافة المتوافرة عن المشتركين في بعض الخدمات، وتكليف وزيري الداخلية والاتصالات متابعة هذا الأمر وحصر تزويد الاجهزة الامنية المعلومات التي قد تحتاج اليها، بالارقام المشبوهة وفقا للاصول المرعية.

وأبلغ وزير الدولة مروان خير الدين "السفير" انه كان هناك توافق بين الوزراء على حصر ما يعطى للأجهزة الأمنية بحركة الـ"داتا" من دون مضمونها، والاكتفاء بإعطاء محتوى الـ"داتا" للأشخاص المشتبه فيهم.

وقال وزير الداخلية مروان شربل لـ"السفير" إن المشكلة على مستوى ملف "داتا" الاتصالات والرسائل النصية تكمن في أزمة الثقة القائمة بين فريقين لبنانيين، والتي تدفع الاجهزة الامنية ثمنها، لافتاً الانتباه الى انه لو كانت الثقة متوافرة لما اعترض أحد على أي طلب من الأجهزة حتى لو كان يشمل الحصول على محتوى كل "داتا" الاتصالات، أما الآن فإن الـ"داتا" العائدة لرقم واحد يمكن أن تثير مشكلة، في ظل أزمة الثقة القائمة.
ودعا الى إبعاد السياسة عن الأمن، موضحاً أنه ووزير الاتصالات يمكن ان يذهبا أبعد مما قرره مجلس الوزراء في حال طرأ أمر ملحّ وضروري.

مرجع عسكري
وفي تمايز لافت للانتباه عن موقف فرع المعلومات، قال مرجع عسكري بارز لـ"السفير" إن الإطلاع على محتوى الرسائل
النصية الخلوية المتبادلة بين جميع اللبنانيين هو أمر قد يسيل له لعاب أي جهاز أمني، ويعتبر انه من غير الجائز طلب الحصول على هذا المحتوى، لان ذلك يتعارض مع خصوصيات المواطنين وحرياتهم، وإذا كانت الاجهزة لن تدقق إلا في المضمون العائد لأرقام مشبوهة حتى لو حصلت على كل الرسائل الخلوية، إلا انه يكفي ان تكون قادرة ـ في المبدأ ـ على الدخول الى المحتوى، وإن لم تفعل عملياً، حتى يصبح من غير المنطقي إعطاؤها هذا الامتياز، والخطر لا يتصل فقط بإمكانية كشف أسرار شخصية، وإنما يتعداه الى الاسرار التجارية والمهنية وما شابه.

وأشار المرجع الى ان الحل الافضل هو منح الأجهزة الأمنية حركة تبادل الرسائل النصية بين اصحاب الارقام الخلوية، ثم يتم طلب الإطلاع على مضمون الرسائل التي يثير التواصل بينها شبهة معينة.

بري: لا للإنتظار
أما على الصعيد السياسي، فقد جدد الرئيس نبيه بري، كما نقل النواب عنه بعد "لقاء الاربعاء"، تأكيد "تفعيل عمل المؤسسات الرسمية وفي مقدمها مجلس النواب"، مشيرا الى أنه سيتابع هذا الموضوع مع نواب "14 آذار" الذين طلبوا موعداً للاجتماع معه.
وشدد على "ضرورة الانصراف الى معالجة كل الاستحقاقات التي تهم لبنان واللبنانيين، بعيداً من سياسة الانتظار والرهانات"، مؤكداً "أهمية استئناف درس قانون الانتخابات لبت هذا الاستحقاق في أقرب وقت، وفي أجواء التعاون والتوافق".

المطارنة الموارنة: إنهاء المقاطعة
وبينما أكد رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع عدم المشاركة في اجتماعات اللجان النيابية، وجّه مجلس المطارنة الموارنة أمس رسالة غير مباشرة الى قوى "14 آذار" بوجوب وقف المقاطعة لأعمال مجلس النواب، عبر تأكيده أن فصل الأزمة السياسية القائمة في البلاد عن سير المؤسسات الدستورية هو أمر واجب.

واعتبر المجلس في بيان أصدره بعد اجتماعه الشهري برئاسة الكاردينال بشارة الراعي ان لبنان يقف أمام استحقاقات تحتاج إلى تشريع، أهمُّها قانونٌ جديد للانتخابات، على أن تتألّف حكومة جديدة تشرف على الانتخابات المقبلة، وكل ذلك لا يكون من دون نقاش تحت القبّة البرلمانيّة، لأنّه كلَّما ابتعد اللبنانيون عن نقاش قضاياهم تحت قبّة البرلمان ازداد خطر التوتّر في الشارع.

وأعرب المجلس عن توجسه حيال "الحديث عن تعثّرٍ في التوصل إلى قانون جديد للانتخاب أو عن تأجيلٍ للمهلِ الدستورية"، معتبراً أن "من أهمّ صفات الدولة الديموقراطية تجديد السلطة التشريعية، والالتزام بالمهل التي يفرضها الدستور". وشدّد على أن "قانون الانتخاب يقتضي أن يتمكّن المواطنون، على تنوّع انتماءاتهم الدينية، من انتخاب ممثّليهم الفعليين تحت قبّة البرلمان باحترام القاعدة التي أرساها الدستور في مقدِّمته: "لا شرعيةَ لأيِّ سلطةٍ تناقض ميثاق العيش المشترك".

السعودية تنأى بنفسها
وفي سياق متصل، قالت مصادر ديبلوماسية سعودية لـ"السفير" إن الانتخابات النيابية المقبلة وأي انتخابات في لبنان "هي شأن داخلي، ولا نبدي رأينا فيها ولا حتى في مواعيدها الدستورية".

وأكدت المصادر ان ما يقال عن نية المملكة تمويل الحملات الانتخابية لبعض المرشحين هو "كلام فارغ، لا يعدو كونه نوعاً من التسالي السياسية اللبنانية"، مشيرة الى "ان السعودية لا تدفع أموالاً لأي أحزاب أو جمعيات الى أي جهة انتمت".

ونفت المصادر أن تكون المملكة قد "دفعت فريق 14 آذار الى رفض المشاركة في جلسة الحوار الوطني الأخيرة"، مؤكدة "أن الحوار البنّاء الهادف الذي يخدم مصلحة لبنان واستقراره وسيادته هو أمر جيّد، لكن هذا الموضوع شأن يخص اللبنانيين وحدهم".
وأكدت المصادر أن نصيحة المملكة الى جميع اللبنانيين هي الحفاظ على السلم الأهلي، لافتة الانتباه الى "ان ما جرى في مدينتي طرابلس وصيدا مزعج".   

السابق
النهار: الحريري يتوعّد الأسد مباشرة بمحاكمتين
التالي
الديار: بري: لا تقول فول قبل ما تصير بالمكيول