السابقة اليونانية والنصيحة الميقاتية

الزيارة الرئاسية إلى اليونان لم تكن مفيدة ومجدية، لأنه على ما يبدو الزيارة كانت مفعمة فقط بالاستفادة من الإنهيار واقتباس منافعها في البيان المشترك الذي صدر في أعقابها. بالمناسبة، لا بد من السؤال: هل كان هناك بيان مشترك؟.
كيف نفهم وجه الإفادة من انهيار اليونان الذي ظهر في البيان الذي صدر عن مجلس الوزراء عقب جلسته أول من أمس حيث جاء فيه:
لفت فخامة الرئيس إلى ان في اليونان الآن فرصاً للإستثمار بالنظر إلى تدني الأسعار، ما يفسح في المجال للمستثمرين اللبنانيين لكي يستثمروا في اليونان، ولا سيما المصارف، من طريق استعمال فائض الودائع لديها، لكي تذهب استثماراتهم في الإتجاه المفيد.
مشكوراً للنصيحة الأولى، ولم نفهم فحواها، فهل البلد المفلس نستثمر فيه بدل الإستثمار في بلدنا؟
أما بيت القصيد والإفادة القصوى ففي الجزء الثاني من البيان الذي يقول:
ما تلمَّسه فخامته في اليونان من أن التقديرات لم تكن متوافقة مع الترجمة العملية للتدابير التي تناولتها، ما يدعو المسؤولين اللبنانيين إلى التعامل بواقعية وموضوعية مع التقديرات المنتظرة من أي تدبير مالي أو إقتصادي.

بمعنى آخر، يريد الرئيس ان يقول إن حسابات الحقل لم تطابق حسابات البيدر في اليونان فوقع الإنهيار، ولذا على المعنيين في لبنان أن يتنبَّهوا لأنه إذا ساروا في السلسلة من دون التقديرات المنتظرة من أي تدبير مالي أو إقتصادي فقد يقع لبنان في اليوننة. وكان يجب ان نأخذ النصيحة من بلد منهار وندفع مصاريف السفر والوفد المرافق من خزينة الدولة. الا يمكننا مع المستشارين الكُثر أخذ العِبر بواسطة قراءات يومية عبر الصفحات الإلكترونية عن أوضاع العالم بأسره؟
لا أعتقد من المفيد أن نأخذ العبرة من اقتباس التجربة اليونانية، كان باستطاعة فخامة الرئيس أن يوجه كلامه إلى رئيس الحكومة صاحب بدعة سلسلة الرتب والرواتب دون عناء السفر خاصة وأن التجربة اليونانية معممة ونقرأ أدق تفاصيلها يومياً عبر الصفحات الإلكترونية، وان كان مجلس الوزراء قد استضاف حاكم مصرف لبنان الذي حذَّر من تداعيات إقرار السلسلة من دون توفير التمويل المضمون ومن دون إرهاق الخزينة، ولعلمي لم يذهب الحاكم إلى اليونان للإطلاع على أوضاعها.

عظيم تفاعل الرئيس نجيب ميقاتي حيث إستشعر الخطر فإختصر وسرَّبَ بعد جلسة مجلس الوزراء أول من أمس ان مسألة سلسلة الرتب والرواتب ليست كوني فكانت.
إذاً كما توقعنا سابقاً وبدون التجربة اليونانية وحذَّرنا ان السلسلة في مهب الوعود التي أُعطيت لهيئة التنسيق النقابية من دون القدرة على الإيفاء بالتعهدات، وهنا على رئيس الحكومة مصارحة الرأي العام وهيئة التنسيق ومكاشفتهم بالواقع المأزوم الذي لا يسمح بأي زيادة لأن حالهم هي كحال سائر الناس في البلد، فما ينطبق عليهم ينطبق على الآخرين.

إنها مأساة كما الاستخفاف بالوعود البرَّاقة التي كادت أن تطيح بالوطن وبالخزينة، أو بما تبقَّى منها، فهل يتوقف الرئيس ميقاتي عن إغداقها؟

السابق
قهوجي: الجيش أوقف نهر الدم
التالي
ورشة عمل في صور حول حماية التراث في زمن الحروب