الحكومة تفتّش عن تمويل السلسلة

لا يفنى معه الغنم ولا يُقتل الذئبهل تحصل المنازلة بين الحكومة وهيئة التنسيق النقابية، ويستخدم كل طرف ما يملك من سلاح في خوض معركة سلسلة الرتب والرواتب، سيّما وأن هناك من بدأ يُشيع بأن الوضع المعيشي سيكون سبباً رئيسياً في إسقاط الحكومة، أم أن الأمور ما تزال مضبوطة على إيقاع عادي وطبيعي، وأن المواقف العالية النبرة التي تطلق تأتي من باب تعزيز المواقع لا أكثر ولا أقل.
لا شك أن الوضع بين الحكومة وهيئة التنسيق النقابية وصل إلى عتبة المواجهة في ظل الدعوات المتكررة للإضرابات والاعتصامات وشل إدارات الدولة، والتي يقابلها نوع من البرودة في التفتيش عن المخارج الملائمة لولادة هذه السلسلة بشكل طبيعي بعيداً عن حدوث خسائر على المستويين الاقتصادي والمالي في ضوء الهواجس التي تبديها الهيئات الاقتصادية والناجمة عن التردي المضطرد في القطاعات السياحية والاقتصادية بفعل الأوضاع السياسية والأمنية التي تتسبب في هجرة الاستثمارات وانكماش السوق بمختلف قطاعاته.
وإذا كان الإضراب الذي سينفذ اليوم يأتي حلقة من سلسلة خطوات ستقوم بها الهيئات النقاية كسلاح للضغط على الحكومة للإسراع في إحالة «السلسلة» إلى مجلس النواب، فإن مصدراً وزارياً يرى أن هيئة التنسيق تخوض المعركة مع الطرف الخطأ وفي المكان الخطأ وفي الزمان الخطأ، باعتبار أن الحكومة لا يمكن أن تضبط عملها ودورها على ساعة من يسعى لنيل المطالب تحت الضغط ومهما كلف ذلك من ثمن.
ويؤكد المصدر أن «السلسلة» باتت طبقاً دائماً على طاولة مجلس الوزراء، والحكومة تضع أمامها خيارات عدة لانتقاء ما لا يرهق الخزينة منها، وما يؤمن الإيرادات المطلوبة من دون المساس بجيوب ذوي الدخل المحدود.
ويشدّد المصدر الوزاري على أن الحكومة غير نادمة على قرارها بإقرار السلسلة، لكن رياح المتغيرات الاقتصادية في الأشهر الماضية، وبروز هواجس لدى طرف أساسي من أطراف الانتاج، أتت على عكس ما تشتهيه الحكومة التي هي في الأساس تقرّ وما تزال بحق الموظفين والعمال في العيش ببحبوحة وبما يحفظ لهم الكرامة، إلا أن ذلك لا ينفي وجوب التريث والابتعاد عن أي دعسة ناقصة من شأنها أن تزيد من منسوب العجز في المالية العامة وتفاقم أرقام الدين.
وإذا كانت المعطيات تؤكد أن الأمور ذاهبة باتجاه التصعيد، فإن المصدر الوزاري لا يرى ما يبرر حصول ذلك طالما أن الحكومة قد وعدت بإحالة «السلسلة» إلى مجلس النواب بعد تأمين الإيرادات المطلوبة لذلك، لافتاً إلى أنه كان بإمكان الحكومة إزاحة هذا الكابوس عن صدرها، وتجنب المواجهة مع هيئة التنسيق النقابية من خلال إحالة المشروع إلى مجلس النواب. ومعلوم أنه في ظل الوضع السياسي الراهن، من الصعوبة التئام الهيئة العامة لمجلس النواب لمناقشة المشروع والمصادقة عليه، لأننا بذلك نكون قد زدنا الأمور تعقيداً بدلاً من الذهاب إلى الحلول.
وفي الوقت الذي باتت ترى فيه هيئة التنسيق دعوة الحكومة بأنها «وعود عرقوبية» الهدف منها التمييع واللعب على الوقت والكلام، فإن المصدر الوزاري يؤكد التزام مجلس الوزراء بقراراته، وأن التأخر في التنفيذ مرده إلى حرص الحكومة على اتخاذ كل التدابير الآيلة إلى عدم تفاقم الوضع المالي والاقتصادي، وانطلاقاً من قناعاتها بأن التروي مطلوب في هكذا ظروف، سيّما وأن المخارج الملائمة متوافرة وموجودة شرط عدم اتخاذ القرارات المتسرعة التي تأخذ منحى سلبياً بدلاً من أن تؤدي إلى الغرض المطلوب.
ويسأل المصدر لماذا لا تستبدل لغة التصادم والانفعالات والتهديد والوعيد بلغة الحوار للوصول إلى قواسم مشتركة لا يفنى معها الغنم ولا يقتل الذئب، بمعنى أن تصل هيئة التنسيق النقابية إلى تحقيق مطالبها، من دون أن يكن لذلك تأثيرات على الخزينة العامة والديون من جهة، ومن دون أن تترتّب أعباء إضافية على كاهل المواطنين.
ويلفت المصدر النظر إلى أن موضوع السلسلة سيكون حاضراً اليوم وغداً وفي كل جلسة لمجلس الوزراء إلى حين الوصول إلى الأبواب الصحيحة التي يجب أن تطرق لجلب الإيرادات المطلوبة لتغطية هذه السلسلة.

السابق
كبارة: المذكرات السورية لا تقدم ولا تؤخر
التالي
يوسف: كل ما يصدر عن النظام السوري لا قيمة له