خيارات حزب الله الخمسة بعد سقوط الاسد

للمرة الأولى منذ اندلاع الثورة السورية هناك شبه إجماع، يستند إلى وقائع ميدانية ومعلومات ديبلوماسية، يفيد بأنّ انهيار النظام السوري بات وشيكاً، الأمر الذي سيعيد خلط الأوراق السياسية في لبنان ويضع «حزب الله» أمام خيارات خمسة، من ضمنها خيارين انتحاريين.
السؤال المركزي الذي شغل اللبنانيين وما يزال يتصِل برَد فعل الحزب على سقوط النظام السوري الذي يفتح الطريق أمام مرحلة سياسية جديدة.

وفي هذا السياق تبرز الاحتمالات الآتية:

أولاً، أن يفتعل حرباً مع إسرائيل في رسالة موجّهة للجميع بأنّ سقوط النظام السوري لا ينعكس على معنويات محور الممانعة ودوره، ولا يبدّل في طبيعة التوازنات القائمة في لبنان والمنطقة، الأمر الذي يُمَكّن "حزب الله" والمحور التابع له من تجاوز تداعيات سقوط المكوّن الاستراتيجي السوري. فالحرب بهذا المعنى هي حاجة لإعادة فرض نفسه وإعطاء إشارات قوة في لحظة ضعف تحول دون تفكّكه وانهيار منظومة القوى المرتبطة به.

ثانياً، أن يفتعِل 7 أيار جديداً، ولكن هذه المرة على مستوى لبنان كله، تثبيتاً لميزان القوى القائم وضماناً لسيطرته الكاملة بعيداً عن أيّ مفاجآت عبر إقفاله الطريق على أيّ محاولة لأخصامه لاسترداد السلطة، خصوصاً في ظلّ النشوة المرتقبة لقوى 14 آذار بعد سقوط الأسد.

ثالثاً، أن يسلّم سلاحه وينخرط في الدولة ومؤسساتها تحت سقف الدستور واتفاق الطائف. وهذا الخيار هو من سابع المستحيلات لجملة أسباب أهمها: السلاح علّة وجوده والتخلّي عنه يعني نهايته بالشكل المتعارف عليه. خسارة الورقة السورية تدفع طهران للتمسّك أكثر بالورقة اللبنانية. خروج سوريا من محور الممانعة معطى مهم جداً، إنما غير كاف لدفع "حزب الله" لتسليم سلاحه.

رابعاً، أن يتجاوب مع الدعوة إلى الحوار بناء على المعطيات المستجدة، وأن يُخيّر 14 آذار بين الاكتفاء بإزالة البؤر الأمنية والتزام عدم استخدام سلاحه في الداخل، وبين دفع البلاد نحو الحرب الأهلية في رهان متجدد أنّ القوى السيادية التي "تعتبر نفسها أمّ الصبي في البلد" ستوافق على الحد الأدنى الذي سيعرضه مقابل عدم المَس بالاستقرار، وأنّ الرئيس سعد الحريري الذي رفع بعد انتخابات 2009 شعار "كلّنا تحت سَما لبنان" سيُعيد فور عودته إلى بيروت تجديد شعاره.

ولكن ما لا يدركه الحزب أنّ تجربة العام 2005 عَلّمت قوى 14 آذار الكثير، خصوصاً لجهة أنه يميل مع العاصفة بانتظار الظروف التي تمكّنه من الانقلاب مجددا. فلا أحد في وارد تفويت "المومنتوم" السياسي المتمثّل بسقوط النظام السوري بُغية تثميره في مشروع بناء الدولة، وليس التجاوب مع وعود تهدف الى تقطيع الوقت بانتظار ظروف أفضل.

فالتنازل غير وارد، ويكفي في هذا المجال إحالة المشككين أو المراهنين على بيان كتلة "المستقبل" الأخير الذي لفتت فيه إلى مَن يتحدث عن محاسبة النائب عقاب صقر عليه محاسبة "حزب الله" ولا سيّما أمينه العام السيد حسن نصرالله، إذ كان بإمكان الكتلة الاكتفاء بمحاسبة الحزب وعدم وَضع صقر مقابل السيّد، وهذه الإشارة كافية بحدّ ذاتها للدلالة على التوجهات الصارمة لـ"المستقبل"، فضلاً عن الإشارة الأخرى المتمثلة برفض قوى 14 آذار مجتمعة الجلوس حول طاولة واحدة معه.

خامساً، أن يحافظ "حزب الله" على الستاتيكو القائم ويتعامل مع المعطيات التي تستجِد على "القطعة" في ظلّ تصوّر أنّ انهيار النظام السوري لا يعني نشوء آخر يكون قادراً على الإمساك بالوضع السوري وتأدية دور إقليمي، لأن ترجيحات تؤشر إلى مرحلة من الفوضى طويلة الأمد تستفيد منها إيران لتحصين أوراقها.

يبقى أنّ المهم ليس الخيارات التي يمكن أن يلجأ إليها "حزب الله"، إنما الأهم هو رفض 14 آذار عقد أيّ تسوية معه خارج الدستور واتفاق الطائف وتسليم سلاحه، ولو كان الثمن "خراب البصرة"…

السابق
مجدلاني: قوى “14 آذار” حريصة على الوصول إلى قانون إنتخابي عصري يُزيل الهواجس
التالي
الفيليبين تنتخب ملكتها في لبنان