جبران في ذكراك: لا استسلام

كلما اقترب نهار 12 كانون الاول في روزنامتي، أشعر بانقباض يلفني، يعيدني الى الوراء، يخيفني، يشعرني بيتمي وبضعفي. أعود إليك في ساعات الليل، اناجيك، أتحدث إليك، أشعر كأنني أغفو على يديك، في حضنك، كأنني أعود تلك الطفلة المدللة، التي تطلب، الى اللعب والهدايا، العطف والحنان والمزيد من الاهتمام والرعاية، بل الدلال.
جبران، تأتي ذكراك هذه السنة اشد ايلاما، اذ نفتقد أيضاً الصخرة، والسنديانة الهرمة، الذي ظل الى الامس يوفّر لنا المظلة التي تغطينا، فتمنحنا الامان، وتغطي نواقصنا، واليها نستند في الملمات، وأمامها يحنو من لا ينحني عادة. في ذكراك هذه السنة، تتفيأ ظل رب البيت وقد اكتمل النصاب. حضر غسان تويني الى الفردوس، حيث ناديا، ومكرم ونايلة، وانت طبعا. هناك اجتمعت العائلة بفرح كبير ربما، فرح هناك يضاهي الحزن هنا.
لن احدثك في السياسة من باب التشفي والانتقام، وهو ما لم يرده غسان تويني في يوم وداعك. لكنني انتظر، شأن كثيرين غيري ومثلي، عدالة السماء، وهي حكماً ستتحقق، وخصوصا اذا تقاعست عدالة الارض، او عجزت.
اليوم تتهاوى أنظمة ديكتاتورية، وتتدحرج رؤوس، وتثور شعوب، ويتحرك شبان، تماما كما كنت تنادي وتدفع الى التغيير. ولعلّ ما يجري اليوم في مصر دليل عافية على امكان تصويب مسارات الثورات، فلا تذهب في اتجاهات الضلال.
أما لبنانك، لبناننا، لبنان المسلمين والمسيحيين، فيتطلع الى الغد المشرق المزهر، فلا تضيع هويته، بل يؤثر في محيطه لتتحول دوله منارات للتعدد والتنوع وقبول الآخر، بل قبول مشاركته في الحياة العامة. وأما الذين ردّدوا معك في ساحة الشهداء القسم التاريخي في اليوم التاريخي، فلا يزالون على امل التغيير الحقيقي الذي يعيد الى الدولة كيانها الفاعل، ويوحّد البندقية للدفاع عن ابنائه لا عن مشاريع وخطط اقليمية ودولية لم تجلب اليهم سوى الخراب والدمار.
في ذكراك جبراني، التي تحل بعد غد، أعاهدك مع العائلة، عائلتنا الصغيرة، وأسرة "النهار"، والعائلة اللبنانية الوطنية الصادقة على ان لا استسلام.

السابق
الشّوق.. يدفئ الجسم
التالي
مرسي أخطأ كثيراً..ومعارضوه