حكومة بغداد ومؤتمر أسرى فلسطين في سجون إسرائيل!

في زمن عراقي عجيب ومحتقن , وفي ظل أزمة سلطوية غير مسبوقة وحالة فظيعة من التردي في مختلف المجالات, وفي أجواء مضطربة بات تسمع فيها قرع طبول حرب قوات القائد الضرورة "الدعوي" الجديد نوري المالكي ضد إقليم كردستان العراق مع الاستعداد لبدء دورات دموية جديدة من التقاتل الداخلي بين العرب والكرد, وهربا من أجواء الفشل وروائح الفساد وطلبا لشعبية قد تهاوت , تشمر الحكومة العراقية عن سواعدها لعقد مؤتمر دولي حقوقي في بغداد حول معاناة أسرى فلسطين في السجون الإسرائيلية! فقد أعلن السفير العراقي في جامعة الدول العربية الدكتور قيس جواد العزاوي برامج رسمية حكومية عراقية كبيرة لعقد ذلك المؤتمر الذي سيوجه إدانات دولية لانتهاكات إسرائيل لحقوق الإنسان الفلسطيني ويلقي الضوء على معاناة السجناء الفلسطينيين في إسرائيل! وهنا أقف لأتعجب أشد العجب من مبادرات الحكومة العراقية ومن جهود الدكتور قيس العزاوي أيضا الذي عرفته زمن المعارضة العراقية السابقة صوتا مدويا وعقلانيا ومثقفا قوميا رائعا ومناضلا ضد الفاشية والتخلف وأستاذا جامعيا لمادة التاريخ في عاصمة النور ( باريس ) فإذا به اليوم يغرد بشكل مختلف ويبذل جهودا لتسويق سلطة ماعرفت غير الفشل والخيبة, وما أدارت غير المؤامرات والملفات الاتهامية المفبركة لتسقيط خصومها ومعارضيها , وطبعا لا أناقش أحدا في قدسية القضية الفلسطينية التي تعلوعلى أي خلافات أخرى , ولكنني أتساءل عن مصداقية التوجه الحكومي العراقي لإدانة إسرائيل على ممارساتها الفاشية ضد الفلسطينيين, وهم أعداؤها بطبيعة الحال ,والصمت عن ممارسات أجهزة أمن نوري المالكي الشنيعة ضد المعتقلين العراقيين, وضد نسوة العراق تحديدا, حيث فضحت ملفات الاغتصاب الجنسي الممنهج وأساليب "السرسرة" لأهل الأحزاب الطائفية الإيرانية الحاكمة التي تمثل أقصى ذرى الهمجية والبربرية كل المستور, واسفرت عن وجه سلطة الأحزاب الطائفية الكريه والقميء والمماثل في اساليب التعامل مع ما ينتهجه حكام طهران ضد معارضيهم من احرار الشعب الإيراني.
ما رأي أستاذنا السفير قيس العزاوي في ذلك الملف المرعب لحالة السجون العراقية ? وما هو موقفه بعيدا عن رفاهية الراتب الديبلوماسي وبقية ادوات الترف من اغتصاب نسوة العراق من قبل الشرذمة الجديدة من الجلاوزة الطائفيين الذين هم انفسهم كانوا من جلاوزة نظام البعث البائد ? وهل يقبل ضمير العزاوي, وهو الأكاديمي والإنسان الراقي, بما يجري ?
أعلم علم اليقين بأن قيس العزاوي, وجوده في حكومة نوري وشركاه هو أشبه "باليتيم على مأدبة اللئيم"! ومقامه شبيه تماما بمقام المسيح بين اليهود! لذلك استغرب تمام الاستغراب أن تنتصر حميته لأشقائنا أسرى فلسطين ولا ينبض فيه عرق لمعاناة نسائنا في العراق اللواتي دفعن أثمان الحروب والتشرد والفوضى والحرب الأهلية, ثم جاءت مجاميع الهكسوس والبرابرة الجدد لتمارس الكبت الجنسي المريض ولتخرق كل قوانين الأرض والسماء , واعجب أيضا من تردد المعارضة الوطنية العراقية سواء التي في السلطة أو خارجها, وكذلك منظمات المجتمع المدني العراقية من عدم اللجوء لإقامة وعقد مؤتمر دولي قانوني لإستعراض مآسي معتقلي العراق من الرجال والنساء وحيث أضحى التعذيب فريضة محكمة وسنة متبعة واسلوبا "ممنهجا", خصوصا وإن ورثة البعث الفاشي ينحدرون أيضا من ارومة فاشية سوداء مضاف اليها حقد طائفي غبي معفر بكل غباء التاريخ المريض.
هل تستطيع حكومة نوري المالكي مناطحة الحكومة الإسرائيلية في كسب الرأي العام العربي? وهل نوري المالكي بمستوى تحدي النتن ياهو المجرم ? إنني لا أتردد عن تشبيه موقف الحكومة العراقية من المؤتمر الدولي بموقف البعير الذي يتناسى النظر الى حدبته! هل نسينا السجون السرية التي كان يديرها باقر صولاغ? وهل غابت عن أذهاننا معتقلات القائد العام نوري المالكي السرية ? وهل نسينا المعتقل والمسلخ التابع للرفيق جلال الدين الصغير في المقبرة إياها? ولماذا يصمت العالم عن فضائح اغتصاب العراقيات في سجون الإخوة المؤمنين التابعة لوزارة داخلية اللواء أركان حرب عدنان الأسدي? ثمة مهزلة كبيرة حينما يتم الكيل بمكيالين, انني متأكد تماما وأعتقد أن السفير قيس العزاوي يعلم في قرارة نفسه أن أوضاع المعتقلين الفلسطينيين في سجون إسرائيل لا تقارن أبدا من حيث الرفاهية باوضاع معتقلي ومعتقلات العراق, بل أن السجين الفلسطيني يسمح له بالدراسة والحصول على الدكتوراه من معتقله بينما تخرج السجينة العراقية وهي تحمل طفلا سفاحا… عيب والف عيب ? إنها مهزلة المؤتمرات التسويقية المنافقة, وهي تعود بقوة لتجمل وجه السلطة القبيح الذي لا تنفع معه كل عمليات الشد والتجميل… إنه العراق حيث يستوطن النفاق.  

السابق
لا إخوان بعد اليوم!
التالي
حتى لا تموت فلسطين في قلوبنا