تغذية المرأة الحامل وقاية من الأمراض

أشار الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، في خطابه في أيار 2011، إلى أهمية التنبّه إلى تغذية الصغار للوقاية من الأمراض المزمنة في المستقبل. وسلّطت مديرة «منظمة الصحة العالمية» مارغريت تشان الضوء على أثر تغذية الصغار في أيام الألف الأولى في الحماية من الإصابة بأمراض مزمنة مثل السكري والسمنة في المراحل المقبلة من الحياة. وتندرج تغذية الصغار في إستراتيجيات الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة الأميركية، وبرامج المؤسسات العالمية مثل «save the children» و«bread of the world».
تلفت عميدة كلية الزراعة والعلوم الغذائية في «الجامعة الأميركية» في بيروت الدكتورة نهلا حولا، خلال مؤتمر «ضمان بداية صحية للأطفال» الذي نظمته «دائرة التغذية والعلوم الغذائية» في الجامعة بالتعاون مع «الجمعية اللبنانية للتغذية والعلوم الغذائية» أمس، إلى أن تغذية الأمهات أثناء فترة الحمل وتغذية الأطفال في العامين الأولين يشكلان عاملين أساسيين في الوقاية من الأمراض المزمنة في المستقبل والسيطرة عليها.
تظهر البحوث المخبرية على الفئران، وفق حولا، أن سوء التغذية خلال فترة الحمل تزيد من نسبة تعرّض الجيل الثاني إلى أمراض مزمنة في المستقبل، وأن النقص في بعض العناصر الأساسية مثل الكلسيوم والحديد عند الفأرة الأمّ يؤدي إلى ارتفاع نسبة الدهنيات عند الجيل الثاني، وبأن السمنة عند الجيل الأوّل تزيد من نسبة السمنة عند الجيل الثاني، وبأن ارتفاع معدّل الدهنيات عند الفأرة الأم خلال فترة الحمل يزيد من تعرّض الجيل الثاني إلى مقاومة الأنسولين.
وتبيّن البحوث العلمية، وفق حولا، أن اتباع الأم سلوكاً غذائياً غنياً بالدهنيات يؤدي إلى تعرض الأبناء إلى البدانة، حتى لو اتبع الأبناء سلوكاً غذائياً صحيّاً. وادخال المواد الغذائية في الأشهر الأربعة الأولى يزيد من نسبة السمنة عند الأطفال في الأعوام الأولى.
تشرح الأستاذة الجامعية في علم التغذية في «الأميركية» الدكتورة لارا نصر الدين أن عوامل تغذية الأم خلال فترة الحمل (سوء تغذية، سمنة، الإصابة بالسكري..) تؤثّر على التعبير الجيني عند الجنين وخصائص دماغه التي تتحكّم بالطاقة في الجسم. تندرج تلك الآلية ضمن ما يعرف بـ«epigenetics» أو المتغيرات الكيميائية للمعلومة الوراثية المرتبطة بعوامل خارجية مثل الغذاء وغيرها. وتساهم تلك المتغيّرات في ظهور الأمراض عند الصغار والكبار في المستقبل.
وعلى سبيل المثال، يشير الأستاذ الجامعي في علم التغذية في «الأميركية» الدكتور عمر عبيد إلى أن النقص في معدّل حمض الفوليك عند النساء الحوامل يزيد نسبة تعرّض الأبناء في المستقبل إلى أمراض عدّة: السكري من النوع الثاني، أمراض القلب والأوعية الدموية، السمنة. إذ يؤثر حمض الفوليك على التغيّرات الكيميائية للمادة الوراثية مثل عملية المثيلوم «DNA Methylation». ينصح عبيد النساء بضرورة ضبط معدّل حمض الفوليك قبل فترة الحمل وخلالها. وتعتبر اللحوم والخضار ذات اللون الأخضر مواد غنية بحمض الفوليك.
توصي المنظمات العالمية بحصر تغذية حديثي الولادة على الرضاعة الطبيعية حتى بلوغ الأربعة أشهر أو الستة أشهر من دون ادخال أطعمة ومواد غذائية أخرى لما يوفّر ذلك من نموّ صحي سليم . غير أن بعض دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تسجّل، وفق حولا، معدّلات مرتفعة في ادخال المواد الغذائية في تغذية حديثي الولادة. إذ تتلقى، وعلى سبيل المثال، نسبة 54 في المئة من الأطفال دون الأربعة الأشهر في الكويت بعض الأطعمة والمواد الغذائية. وتظهر دراسة علمية بأن نحو تسعين في المئة من حديثي الولادة الذين لا يتجاوزوا الستة الأشهر في منطقة البقاع يتناولون بعض الأطعمة الغذائية.

الرياضة.. دواء

هل تحمي الرياضة من الإصابة بالسكري من النوع الثاني؟ هل تساهم الرياضة في السيطرة على مرض السكري من النوع الثاني؟ يطرح الدكتور كلينتون براونر من مستشفى «Henry ford» الأميركي هذين السؤالين ليؤكّد بأن الرياضة وزيادة الحركة البدنية تساعد في الحماية من السكري من النوع الثاني والسيطرة عليه. تظهر دراسات عدة، أجريت على نساء ورجال على امتداد نحو سبعة عشر عاما، بأن الأشخاص الذين يمارسون الرياضة هم أقل عرضة للإصابة بالسكري من النوع الثاني. وبيّنت الدراسات بأن الرياضة، والتدخلات الوقائية في سلوك الفرد هي أشدّ فعالية من الأدوية في تقليل خطرالإصابة بالسكري. إذ تساعد الرياضة، وفق براونر، على ضبط معدّل السكر في الدم.
تشير الأرقام، وفق الدكتور هايدر دميرل من جامعة «حجة تبة» في أنقرة ، إلى أن خطر الوفاة بسبب بعض الأمراض هو أكبر بنسبة 20 إلى 30 في المئة عند الأشخاص الذين لا يمارسون الرياضة بشكل كافٍ بالمقارنة مع الأشخاص الذين يمارسون الرياضة لمدة ثلاثين دقيقة في معظم الأيام. وتساهم ممارسة رياضة متوسطة لمدة 150 دقيقة في الأسبوع في تدني خطر الإصابة بالأمراض القلبية بنسبة 30 في المئة، والسكري بنسبة 27 في المئة، وسرطان الثدي بنسبة 21 في المئة، وسرطان القولون بنسبة 25 في المئة.
يقول الدكتور اندريان هاتبر من الجمعية الدولية «American college of sports medicine» بأن العلماء لم يحدّدوا بعد جميع الآليات التي من خلالها تساعد الحركة البدنية للجسم في الوقاية من الأمراض غير أنه من المثبت بأن الرياضة تحمي من الأمراض وتخفف من نسبة الالتهابات في الجسم.
وتساهم الرياضة في تحسين المزاج، والنوم بشكل أفضل. إذ يفترض العلماء بأن الرياضة تؤثر على عملية افراز بعض الناقلات العصبية مثل السيروتونين. وتبيّن الدراسات العلمية بأن الأولاد الذين يمارسون الرياضة يظهرون نتاجا دراسيا أفضل، واضطرابات سلوكية مدرسية أقلّ.
ينصح هاتبر الأفراد بضرورة ممارسة الرياضة لمدة 150 دقيقة في الأسبوع، والصغار لمدة ساعة يوميا. ويجب على الأطباء تثقيف مرضاهم في شأن أهمية الرياضة في الحماية من الأمراض والسيطرة عليها إذ يصغي المرضى في الغالب لنصائح الأطباء أكثر من الأصدقاء والأشخاص غير المتخصصين.
  

السابق
العلاقة بين المكونات الطائفية اللبنانية إلى اندثار
التالي
الأمطار إجتاحت منازل أهالي صور ومحالهم التجارية