مدوّنة

في مدوّنة السلوك المعتمدة من قبل أهل الممانعة منذ سبع سنوات الى اليوم، أجوبة كافية عن أي سؤال استنكاري أو استهجاني أو استنطاقي أو توضيحي يمكن أن يُطرح. ولا يحتاج الأمر الى كثير عناء لتبيان الخطوط العريضة والرفيعة، والعامة والتفصيلية لذلك السلوك. ومع ذلك فإن الأيام تحمل دائماً من الشواهد ما يضيف الى ذلك المخزون الوفير، ويدعو بالتالي الى توقّع الأسوأ.
واستناداً الى هذا الإرث السلوكي، فإن ما تكشّف من وقائع تزويرية بالأمس ليس مفاجئاً. بل ان المفاجئ هو ذلك الدأب على الامعان في ذلك المسار وفي تفاصيل التخريب والتدمير فيما البنيان السلطوي السوري برمّته يترنّح على حافة الانهيار التام.
ولا يفاجئ ذلك الأداء أحداً بقدر ما يثير العجب. علماً أن جريمة اغتيال الخالد رفيق الحريري وما تلاها كانت ولا تزال وستبقى أفصح وأوضح عيّنة ممكنة عن طبيعة الاجرام الممانع والآليات التزويرية التي يعتمدها.
ومصدر الغرابة والعجب، هو أن النكران والتزوير والوقاحة في الكذب، تحتاج في جملتها الى سند سلطوي وارهاب منهجي وقوة حاسمة. وان تلك في جملتها يفترض أن تكون كافية لتجعل من النقاش والسؤال والاستفسار والتحقيق والتدقيق والمجادلة، مشاريع مشاكل وأزمات جلّها قاتل ومدمّر.. غير ان واقع حال سلطة الممانعة في موقعها السوري يدلّ في تفاصيله الوظيفية والميدانية والسياسية والديبلوماسية، المحلية والاقليمية والدولية، الى أنه واقع بائس الى آخر حدود البؤس والزوغان، ولم يعد في الميدان سوى انتظار موعد اندحاره التام.
لكن بعض التفصيل مفيد للصحة: لأن السلطة الأسدية على تلك الحال، فهي استدرجت وتستدرج تفجير المحيط الاقليمي علّ في ذلك ما يخفف من شدة التركيز عليها ويزيح "الاهتمام" الى مواقع أخرى: التحركش بالأتراك لم ينفع عدا عن كلفته الكبيرة. محاولة التخريب في الأردن صدّتها سلطة واعية وكامشة بالمليان. "جس نبض" تحريك الوضع في الجولان جُوبه منذ اللحظات الأولى بتهديدات تدميرية كاسحة. العراق لم تعد حروبه الداخلية تقدّم أو تؤخّر فيه وفي مداره. وحده لبنان ساحة طريّة وقابلة وجاهزة لتلك المحاولة، عدا عن كونه مصدر المرض الأسدي الدائم، وفيه تكتمل نوازع الانتقام مع الحسابات السياسية الاستحواذية العائمة منذ جريمة 14 شباط 2005.
للتزوير وظيفة التمهيد للقتل. وللقتل وظيفة الفتنة راهناً من ضمن وظائف كثيرة جلّها يختلف عن تلك التي "استدعت" جرائم القتل والتفجير السابقة والتي توضع في خانة إتمام وإكمال القبض على لبنان ودولته وشارعه وشرعيته من قبل أهل الممانعة على تنوّع هوياتهم وتوزّع جغرافياتهم. غير أن شيئاً من نباهة سياسية وأمنية، والكثير من ألطاف وحنايا ربّ العالمين أديا حتى الآن الى إحباط إتمام ذلك المشروع وإن بأثمان باهظة وغالية.
بعد ذلك يا اخوان: حتى المافيات لديها مدوّنة سلوك تحوي شيئاً من القيم الأخلاقية. وهي في كل حال أشطر منكم قليلاً، في التزوير والتلفيق والفبركة!.

السابق
عون: سأطلب تطويب جعجع قديساً
التالي
تضارب المصالح الإسرائيلية في سوريا