حين تصبح “صيدا ستايل”…

فجأة اهتزت المنابر وانطلقت الفتاوى واشتعلت الحرب عبر وسائل الإعلام؟!، وفجأة قامت الدنيا و لم تقعد فأهدرت دماء وأبيحت كرامات وانتهكت أعراض، حتى شعرنا وكأن أعداء الأمة قد باتوا على أبواب البلاد العربية والإسلامية مستعدين لقتل المسلمين وسبي النساء واحتلال البلاد..؟!… أما السبب فأغنية (صيدا ستايل)..؟!
إذ منذ أسبوع وحتى اليوم لم تهدأ الصحافة في لبنان ومعها جمع من المعمّمين عن الحديث عن الممثل وسام سعد المشهور بشخصية (أبو طلال الصيداني).
نعم.. قد نتفهم أن يكون الكلام قاسيا أو شديدا ولكن ضمن نطاق النقد، أما أن يتحول الأمر إلى وصفه بالقضية المحورية وصدور فتاوى من هنا وهناك تهدر دم الممثل المذكور(..!!!) فهذا ضرب من العوج ودليل على الانحراف الفكري الذي أصاب العديد..!؟
وإلا.. إذا كان الأمر سيسير كما تريد بعض النفوس (المحتلة) أو (المختلة) فتفضلوا جميعنا لنجري (جردة حساب)..
من الأولى بالهجوم والنقد.. ممثل قدم انتقادا لآفات اجتماعية (اتفقنا معه أو اختلفنا)، أم معمّمين أضاعوا مجتمعا بأسره وشغلوا أفراده بصغائر الأمور فما قدموا لهم سوى البلبلة والاضطراب والمشاكل والفتن…؟!
ومن أحق بالتأنيب… شاب قدّم أغنية.. أم أشخاص يعيشون برداء (الوجاهة) بيننا، وهم في الحقيقة تجار يبيعون ويشترون في حقوقنا بلا حسيب أم رقيب..؟!؟
ومن أحق بالكلام عنه في وسائل الإعلام وتوعية الناس من خطره وشره…. مواطن قد يكون أخطأ في تقديم شيئ ما للإعلام، أم معمّمون يبدلون مواقفهم كل يوم كما يبدلون ملابسهم، مستعينين بسلاح (التحوير المصلحجي) لكل أمر أو مسألة حسبما تقتضيه مكاسب سياستهم أو أفكارهم أو أعمالهم أو …؟!؟!؟!؟!
إن ما حصل مع الممثل اللبناني وسام سعد تعبير صادق عن حالة التردي العلمي والفكري الذي استوطن مجتمعنا فأصاب مختلف المستويات الدعوية والثقافية والعلمية والاجتماعية، حتى أصبحنا نسكت بل نتغاضى عمدا عن عشرات الجرائم اليومية ولا نلتفت إلا لما فيه تسفيه العقول وتسطيح الفكر…؟!
ومن هنا.. كان من الطبيعي في هكذا مجتمع أن نرى عشرات اللبنانيين يموتون يوميا على أبواب المستشفيات فقرا وعجزا دون أن نسمع كلمة من خطيب أو معمّم أو داعية يدافع عنهم أو عن مأساتهم ويطالب بحقوقهم…؟!
وكان من البديهي… أن تـُخترق آذاننا بصورة دائمة بطلقات الخطابات الفتنوية.. فنبحث عن عمامة تنصح وتنبه.. فلا نجدها…؟!؟
من الطبيعي جدا.. في ظل هذه الأوضاع المخزية أن نرى المواطن يُظلم ثم يُظلم ثم يُظلم، ثم لا نسمع إلا كلمات تبرر لهذا الظلم بدلا من أن تقف في وجهه..؟!؟
وبالتالي.. لم نستغرب أبدا حين وجدنا من يفترض أن يكونوا من حرّاس الحق في مجتمعهم يتجاهلون كلمة الحق وموقف الحق والدفاع عن الحق في وجه كل حاكم أو سلطان جائر، ويفرغون «مكبوتاتهم» في وجه أي مسألة صغيرة أو ثانوية فيعطونها ما للقضايا الكبرى من اهتمام، حتى إذا أتوا لمناقشة القضايا الكبرى لم يجدوا ذرة اهتمام بداخلهم تجاهها…؟!؟
إن الإسلام أيها السادة الأفاضل – والذي يسيئ البعض في الدعوة إليه أو في عرضه أو في العمل به – ليس سيفا مسلطا على رقاب البشر يقطع رؤوس المخطئين بلا رحمة أو شفقة، بل هو دين الرحمة والعدل والسلام والمغفرة والعفو والتجاوز عن المذنبين واستيعاب المخطئين..
الإسلام – أيها المشوِّهون – دين يشرح للمذنب كيف أذنب.. وأين أذنب .. ثم يسعى إلى توعيته وتهذيب أقواله وأفعاله وسلوكه وشرح كل ما استغلق عليه فهمه بالتي هي أحسن، قبل أن يسمح لأحد برفع راية العقاب..!؟

السابق
كيف أوقع حزب اللّه بعقاب صقر؟
التالي
بان كي مون: أدعو النظام السوري وقف أراقة الدماء