ألم يحن أوان العصيان؟

خلاصة الحقيقة الأنثوية أن هناك الحرمة وهناك السيدة. وأن علي الاختيار بين أن أكون الأولى أو أكون الثانية.
لا تعرفون كم كلفني الاختيار ذات يوم.
حتى أقرر التحول من خانة الحرمة العبدة إلى خانة السيدة الحرة فأنا أقرر التحول من البلادة للحركة ومن الخوف من كل شيء لإعلان خوض كل شيء حتى الحرب.
أعلن العصيان لأتحول. وثقافة المجتمع القبلي والعائلي لا تعترف بالعصيان، تنشئتنا تقوم على العكس. هناك الكبير وهناك العبيد. هذا ملخص الثقافة. من تعلن العصيان في هكذا مجتمع تعرض نفسها لكل أنواع اللعنات. لكني لا أهتم، سأستمر بإعلان العصيان.
انتقد الكاتبات اللواتي يضعن حياتهن في وصف الذات الأنثوية، أعرف أن التقاليد تجبر كل واحدة منا على البدء من الذات ومن الأنوثة حتى تتحرر على الورق أولاً وبعدها تتمكن من الانطلاق في الفضاء. أما كاتباتنا العربيات فمنهن من ماتت وورقها لم يحررها بعد، أوراقها كلها تصف نفسها وتتمنى حريتها، وتبوح بألمها وأحزانها. لم تكتب أبدا خارج نطاق الأنثى وغرائز الأنثى ومصائبها. أعترف أني أيضا بدأت بوصف ذاتي لأني لو لم أمارس وقتها تحرري (المطلق) على الورق وأمام العالم ما كنت تمكنت من الانتقال فيما بعد والكتابة عن أشياء أخرى أو مناقشة أي شيء آخر في الحياة. حتى عملي الإعلامي بدأته ببرنامج عن تعقيدات حياة العربيات، أردت أن أحصل على لقب (حرية) أمام نفسي ولم أكن أهتم بأن يعترف لي الآخرون بالحرية، لأنهم لن يفعلوا أبداً.
لكني أعود الآن لأكتب عن الأنوثة، ليس تحررا من النفس إنما من الغير. من النظام، من العائلة..فشبح يلاحقني أينما ذهبت. شبح المرأة الساقطة.
أنا شريرة بنظرهم، وكائن مستعد للخطيئة بأي لحظة. كل هؤلاء المحافظين يظنون بي ظنهم التعيس الذي في الحقيقة واقعهم… كيف تريدون للمختل أو المنحرف الاعتراف بأن هناك طهارة وهناك شرفا وأخلاقا. فكيف تسلمونه صكوك حريتنا؟
المختلون عقلياً يرسمون حياة ملايين المواطنات. أما آن أوان الغضب؟
اما آن أوان العصيان؟
في العام 2013، أستخرج جواز سفري بموافقة ولي أمري. في العام 2013 أتزوج بشرط موافقة ولي أمري. أسافر بإذن تسريح موقع عليه من ولي أمري. وأجري عملية جراحية بإذن من ولي أمري وأتعلم وأعمل بإذن من ولي أمري…. القائمة لا نهاية لها.
نساء فقيرات ممنوعات من العمل تحت مسمى الحرام والكفر، ونصفق لقرار السماح لهن بالعمل كبائعات. لم أعد أريد الاستماع لأي تصفيق. لن نصفق بعد اليوم. نحن لا نحصل على هبات أو منح إنما حقوق امتلكناها، لن نصفق بل سننتظر التغيير وبأقصى سرعة ممكنة، لم نعد نؤمن بالإصلاحات التدريجية. ولا نريد تصبيرة تضمن خرسنا كل عشرة أعوام. ولم نعد نصدق أن المجتمع لا يريد التغيير. انظروا للمجتمع في أسفاره ثم احكموا على رغبته الجامحة للتغيير.
تظنون أني وفقا للقوانين السائدة، لم أتحول إلى سيدة بعد. تعتقدون أني لا زلت ضمن الحريم؟
بنظر المحافظين والقانون فإلى جانب الولي الأكبر (السياسي) الذي تجب طاعته صائبا كان أم مخطئا، هناك الولي الأصغر (الأب أو الزوج أو الأخ) والذي تجب أيضا طاعته بل تسليم الحياة له. مهما كبرت أبقى طفلة لم تنضج. ومهما علت مراتبي العلمية والمهنية على مرتبة الولي أبقى قاصرة لا تستحق الولاية على نفسها… فأي حياة كريمة هذه؟ أقترح على من يضع القوانين( الذين ليس بينهم امرأة) عدم التزام الصمت تجاهنا. أقترح أيضا عدم تسليم المرضى والمختلين زمام أمور نساء كان يمكن لهن التحول لأهم السيدات في العالم لولا قدرهن الذي أنجبهن وسط هذه الرمال.
وإلا فماذا نفعل؟ هل تهاجر النساء؟ هل تترك وطن لا كرامة لهن فيه.. متى تتحرك السيدات أو الحريم؟ متى نعلن الثورة أو الحرب؟ متى نعلن جميعنا العصيان؟
هذه تحية لمتظاهرات 1991 المطالبات بقيادة السيارة. كل واحدة منكن أجرأ من ملايين منا وأكثر إيمانا بالحرية من كثيرات منا. لكن أين أنتن؟ ولما اختفيتن؟ 
 

السابق
بري: البلد يتحول إلى عصفورية!
التالي
أزمة سير روسية تمتد أياماً في الثلوج