بين لبنان وسوريا: النأي بالنفس ام الخوض في المعمعة؟

تتوالى السجالات والفضائح السياسية في لبنان لارتباط مختلف القوى السياسية اللبنانية بشكل مباشر في الازمة السياسية الراهنة، ضاربين بعرض الحائط مبدأ "النأي بالنفس" التي اطلقها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وأثنى عليها باقي القيادات ظاهريا.

منذ اشهر سقط عدد من الشهداء التابعين لـ"حزب الله"، وأقرّ بذلك سماحة السيد حسن نصر الله، ومنذ أيام جاءت فضيحة النائب عقاب صقر لتكشف المستور وتؤكد انخراط تيار "المستقبل" ايضا وبشكل مباشر في تسليح المعارضة السورية، خارقا بذلك اتفاق الطائف الذي يتحدث عن رفض لبنان أن يكون ممراً او مقراً لأي عمل عدواني ضد سوريا، التي بات يحق لها مساءلة لبنان ومطالبته بتوضيحات عن هذا الخرق.

ثم استكملت الحقائق بجريمة "تلكلخ" على الحدود اللبنانية ـ السورية التي أكد المؤكد، بضلوع "المستقبل" ومعه بعض الذين يدّعون أنهم جماعات إسلامية في الصراع الدائر في سوريا ليس على المستوى السياسي وحسب، بل وعلى المستوى العسكري أيضاً، حيث قتل الجيش النظامي بكمين 22 شابا لبنانيا من طرابلس وعكار بعد تخطيهم الحدود اللبنانية، وهؤلاء قتلوا داخل الأراضي السورية ولم يكونوا في رحلة صيد وضلوا الطريق، ولم يكن بحوزتهم أدوية للاسعافات الاولية، ولا اي من المساعدات الانسانية، بل إنهم كانوا يريدون الدخول إلى سوريا للقتال في صفوف المعارضة للقضاء على نظام بشار الاسد.

من البديهي، السؤال عما إذا كان هؤلاء الذين قتلوا وظهرت صورهم على التلفزيون السوري هم فقط من دخل أم أن هذا دفعة من عشرات الشبان المغرر بهم إما سعياً لجني المال، او للجهاد لضمان الوصول الى جنان الخلد.

الصحيح ان معظم القوى السياسة اللبنانية غارقة بالدم السوري، ولكن الغريب الانتقائية المنتشرة والقائمة على فكرة "ما اقوم به حق، ونفس هذا الحق جريمة لغيري". ويبرز ذلك من خلال ما نشرته جريدة "السياسة الكويتية" عن أحد قادة قوى "14 آذار" قائلا: أن "ثلاثين عنصراً من "حزب الله" يرتدي معظمهم بزات عسكرية سورية أقاموا كمينين مسلحين للعناصر الطرابلسية الشابة على طرفي الحدود اللبنانية والسورية في تلكلخ، بعدما استدرجوها بواسطة عميل لهم زعم تولّي تسهيل عبور هذه العناصر للالتحاق بالجيش السوري الحر، ثم انقضوا عليهم وقتلوهم".

سيناريو يصعب تصديقه، وسيناريو بعيد كل البعد عن الواقع الجغرافي للبنان، وإن صح هذا الخبر فبات يحق لـ"حزب الله" إتهام الجماعات التابعة لتيار "المستقبل" بأي عمل تخريبي في الجنوب، وبصواريخ الـ"غراد" الاخيرة التي سقطت في اراضي فلسطين المحتلة التي هددت الامن خوفا من أي ردّ اسرائيلي محتمل.

وقائع ميدانية كثيرة تؤكد كذب ادعاءات النأي بالنفس، وتؤكد إنخراط معظم القوى اللبنانية إما لبقاء او لسقوط النظام السوري، معززين التقسيم الطائفي والمذهبي في البلاد، رافعين لواء السلفية القاتلة، والتعصب المدمر، تاركين الشؤون الداخلية للشعب ليتخبط بها، وكأنه كتب على اللبناني ان يعاني ويلات كل الحروب منذ هجرة فلسطين ومحاولة الاستيلاء على لبنان، من ثم الاحتلال الاسرائيلي للجنوب، مرورا بالازمات العربية المتلاحقة، وصولا الى الازمة السورية التي لن تحل إلا بدخول لبنان في آتون الحرب الطائفية، التي ينفذها سياسيو هذا البلاد بشرف وإفتخار!!

السابق
تزايد ظاهرة الجنس على الطائرات
التالي
لهذا غادرت دينا ديو المشاهير