الإفلاس السياسي للحكومة

فيما رئيس الحكومة نجيب ميقاتي يتنقَّل من بلد إلى بلد، ومن طائرة خاصة إلى طائرة أخرى جديدة، ويتحضَّر لأسفار بعضها خاص وبعضها رسمي، هل يعرف ماذا يدور داخل جدران الشركات والمؤسسات اللبنانية؟
بين ترفه ومعاناتهم يُقال الكثير الكثير عن معاناة الناس وراحة المسؤولين.

الشركات والمؤسسات تعكف ، داخل جدران اربعة على مراجعة حساباتها لهذه السنة، فتجد أنها أمام أرقام كارثية، وإذا بقي الوضع على ما هو فإن بعضها يُفكِّر في إقفال الابواب وتسليم المفاتيح الى الرئيس ميقاتي.

وضُع البلد ليس سليماً ، والمؤسسات والشركات، على صورة البلد، وضعها غير سليم، فإلى متى الانتظار والإمعان في سياسة النأي بالنفس؟
هذه السياسة لم تنفع يوماً، فلماذا تنفع الآن؟ إن الإرهاق يصيب مختلف القطاعات من دون استثناء، فالقطاع السياحي يعاني والقطاع الصناعي يعاني والقطاع التجاري يعاني، دور النشر تعاني ودور الإعلام والصحافة تعاني، فإلى متى الانتظار لتبدأ المعالجات الجادة والثابتة؟

لا يُسأل صاحب مؤسسة إلا ويقول: إننا نقف على شفير الهاوية ولا نجد أمامنا إلا القعر، فبماذا يتلهى الرئيس ميقاتي؟ ما هي انشغالاته هذه الايام؟ مَن يراقب أداء الحكومة يجد أنها لا تهتم سوى بالوعود:
وعود لهيئة التنسيق النقابية بأنها ستُحيل سلسلة الرتب والرواتب إلى مجلس النواب بعد إيجاد مصادر التمويل لها، هذا الوعد يستدعي التوقف عنده لأنه يحمل في طياته أكثر من إشكالية:
الإشكالية الاولى ان إمكانية إحالة السلسلة من دون توفير التمويل سيؤدي إلى مأزق كبير لأن السلسلة ستبقى نظرية إذا لم يؤمَّن التمويل لها.
الاشكالية الثانية أن إحالة السلسلة إلى مجلس النواب، في وجود الحكومة الحالية، لن يُجدي نفعاً، فالمجلس النيابي غير قادر على الانعقاد في أي جلسة عامة تحضرها الحكومة، لأن قوى 14 آذار ستقاطعها. وعليه فإن السلسلة لن تكون على نار قوية وأن على الحكومة أن تُصارح الناس بأن هذا الوعد غير قابل للتحقق.

إذا كان هذا الاستحقاق لا تستطيع الحكومة توفيره للناس، فأي الاستحقاقات يمكن توفيرها؟
هناك حقيقةٌ واحدة وهي ان هذه الحكومة تعيش وسط مآزق متعددة:
المأزق الاول أنها تعتقد بأنه ممنوع عليها الاستقالة علما بأن هناك شبه إجماع على ان الحل الوحيد هو في رحيلها. المأزق الثاني هو ان بقاءها سيزيد من تعميق الازمة، خصوصا ان الاستحقاقات الآتية ولاسيما استحقاق الانتخابات النيابية، في مطلع حزيران المقبل، هو ملف كبير لن يكون بمقدورها تحمله.

العيدية الوحيدة التي بإمكان الرئيس ميقاتي تقديمها للناس هي ان تستقيل الحكومة لتعود الحياة السياسية إلى الانتظام ويتوقَّف المسار الإنحداري على كل المستويات.

السابق
إعادة تأهيل
التالي
“السلسلة” تكشف اللامسؤولية العامة