بين ديمقراطية أثينا و أوليغارشية أسبارطة

يحكى أنه و في سابق العصر و الزمان، سلطان ذو شأن ومقام أراد حكم جزيرة صغيرة ليس لها شأن لكن أمرها في كونها تربط شمال السلطنة بجنوبها و يمر فيها الضوء مغادراً الشرق في طريقه إلى الغرب.دخلها فوجد فيها الكثير من الجرذان تأكل خيرها و ما فيها من جوز الهند و الثمار. أمر رجاله أن يصطادوا منها ما إستطعوا ويضعوها في صندوق كالسجن وسط الميدان. ثواني ، ساعات ، أيام ، أشهر بدأ الجوع يدق أمعاء الجرذان فأكل القوي منها من مثله كل ضعيف حتى قضى الزمان عليها و ما بقي منها إلا إثنان، طلب السلطان إطلاقهم في الجزيرة من جديد دون تبرير للرأي و هو بالأساس سيد و له الامر و ليس لهم عليه إلا السمع و الطاعة و إلا فحرمان من الغفران ، سأله كبير من عنده و بعد كثير من التبجيل و الإحترام " ألا يخشى مولانا أن تأكل الجرذان جوز الهند و الثمار و الخير من جديد ؟؟" . ضحك السلطان "الحَكمُ" من امره و قال أما هي فأصبحت ما أردنا لها ان تكون ، هي ليس لها في ما أكلت قبل ذلك ، فطيب المذاق عندها الآن في أكل لحم بعضها ، هي إعتادت فعل ذلك و هي من سيحمي الجزيرة مما عانينا منه في قديم العهد و الزمان. .
حرب البلوبوتيز ، هي حرب السبع و عشرون عاماً ، حرب كتب النصر فيها لأسبارطة على أثينا، نصر الأولغارشية و حكم القلة من ذوي النسب و المال و قادة السلاح العسكريين،نصر سمح لأسبارطة أن تتصرف بسرية . أما أثينا فديمقراطيتها خانتها ، فمجلس الشعب فيها يتداول أموره في وضح النهار و كل ما كان يناقش من قرارات معروفة تقريباً من قبل الأعداء.
حرب يقودها بعد ما حقق النصر، حزب الأوليغارشية، حزب يقود البلاد إلى الكونفدرالية، عشرات المدن المستقلة و المختلفة بإتساع أراضيها و عدد ساكنيها و مستوى تطور إقتصادتها و ثقافاتها و مصالحها ، منظومة يُؤَسسُ لها بظاهر متمدن متطور لكن باطنها في علم السياسة سريع الزوال.
رغم القنوط الشديد ، إلا إن إحساسي أنهم لم و لن يشاءوا أن يخضعوا للهزيمة و لا إن يستسلموا للإعتباطية و الإرهاب المطلق و قرارهم متابعة النضال . هم سيحكموا بالموت على كل من يطالب بالإستقلال عن الدولة الجامعة . هؤلاء لا بد لهم كما أفكر و أرى أن يحاصروا هؤلاء براً و بحراً و جواً و يعزلوا عن بقية الجمهورية حتى يصلح أمرهم و يعودوا إلى عقلهم و يبتعدوا عن غرائزهم.
السماح في حالات خاصة و لأشخاص يتمتعوا بخصوصية أن يخرقوا القانون و العدالة و قواعد الشرعية سيُكرس ليعمم و عندها لن تقوم في المجتمع لا سيادة و لا قانون و لا عدالة ، حذار القرارات و إعتمادها بدلاً عن القوانين.
على الجميع أن يعي أن الحكم ليس برمي القرعة ، إنه لمن الحماقة إنتقاء حاكم بواسطة حبة فول في حين أن أحداً منا لا يستطيع بل لا يريد حتى أن يعتمد على الصدفة في إختيار قبطان طائرة أو ربان سفينة أو مهندس ممن قد تكون أخطاءهم أقل سوءاً من أخطاء أولئك الذين يحكمون الدولة.
إن الرجال الأكثر حكمة و الأكثر عدلاً هم الذين يكرسون أنفسهم لبعض الأعمال المفيدة و ليس أولئك الذين يستلذون ببطالة أتباعهم، ديمقراطيتهم ستقود لا محالة ألى البؤس و الإستبداد. ومعرفتنا للحقائق قائمة بتذكر الحالات القديمة و ما يحدث مرة قد لا يتكرر حدوثه إطلاقاً ، لكن ما يحدث مرتين يحدث حتماً مرة ثالثة .
يبقى الحق في إستخراج ما يكمن في النفس عبر سؤالها عنه، و شرطنا الوحيد كامن في سؤال نريد الجواب عنه . هل الجميع على إستعداد لإطاعة القوانين ؟
الحق أن الحكم سيؤول بعد ذلك إلى الديماغوجيين و أسوء من ما للكلمة من معنى.

السابق
حفل استقبال في مجدل سلم لمناسبة ذكرى الاستقلال
التالي
هل اتُّخِذ قرار تقويض المَلَكِية الأردنية؟