حزب الله… قطوع ومَرَق

مرّت ذكرى عاشوراء على خير بلا إشكالات تذكر، ما عدا المجموعة التي قبضت عليها مخابرات الجيش في مدينة النبطية وكان ينوي أفرادها وضع مواد متفجرة خلال إحياء اليوم الأخير للذكرى. ويبدو أنّ «حزب الله» قد مرّ في مرحلة وصفها بعض من هم داخله بأنها «قطوع ومرق».

هي من المرّات القليلة التي يعيش فيها "حزب الله" هذا الهاجس الأمني. فقبل أسبوعين تقريباً من بدء عاشوراء، نشر الحزب على كل الأراضي اللبنانية، ما يزيد عن 15 الف عنصر أمني تابعين له، وذلك عقب تبلّغه معلومات عن نية جهات، قال إنها سلفية، تنفيذ عمليات انتحارية داخل التجمعات العاشورائية، وتحديداً خلال اليوم الاخير للذكرى، الذي يُعرف بـ "الفلّة"، الأمر الذي ترك إرباكاً داخل الحزب، فاضطر إلى وضع آلاف الخطوط الإتصالية في خدمة العناصر المنتشرة للتواصل في ما بينها للتبليغ عندما تدعو الحاجة.

مصادر سياسية واكبت التحضير لذكرى عاشوراء تؤكد ان "حزب الله" تبلّغ من جهات أمنية اقليمية حليفة أن أفراداً ينتمون إلى مجموعات سلفية يفوق عددها العشرين شخصاً، تُحضّر لتفجير نفسها داخل التجمعات العاشورائية، وتحديداً في جنوب لبنان وفي بعض المناطق التي تقع عند أطراف الضاحية الجنوبية ومنطقتي البسطا التحتا وبرج أبي حيدر في بيروت"، وتشدد على ان "المجموعة التي القت مخابرات الجيش القبض عليها في النبطية وتضم أربعة أشخاص من التابعية السورية هي واحدة من اصل خمس مجموعات توزعت على المناطق نفسها، ولكن الرقابة المشددة من الحزب ومخابرات الجيش منعتها من تنفيذ المهمات التي كلفت تنفيذها، وقد فرّ بعض عناصرها، بحسب "حزب الله"، إلى داخل مخيمات صيدا، أما البعض الآخر فهو في حماية مجموعات سلفية أُخرى في بعض احياء بيروت ومحيطها".

وتكشف هذه المصادر أن "هذه المجموعات أتت من سوريا وهي في غالبيتها تابعة للجيش السوري الحر، لكن أخطر ما في الامر هو طريقة وصولها إلى نقاطها المحددة، الامر الذي يعني أن هناك في الداخل من سهّل لها طريقة تحركها ووفر لها أماكن موقتة تستريح فيها إلى حين انتقالها لاحقاً إلى تنفيذ هدفها"، وتلفت إلى ان "وجود أشخاص سوريين موقوفين لدى جهاز امن "حزب الله" يجري التحقيق معهم على خلفية المتفجرات التي ضُبطت داخل اماكن سكنهم في منطقة صور، وداخل قريتين تقعان ضمن قضاء الزهراني، كما يجري الحزب تحقيقات مع عدد من عناصره لأسباب مجهولة، لكن بعض التسريبات أظهرت أن هؤلاء يتم التحقيق معهم إما لإهمالهم وإما لتواطئهم".

ويبدو، حسب المصادر، أن "الأوضاع تطوّرت بين "حزب الله" والسلفيين وبدأت تنحو في اتجاه التصعيد، الامر الذي يقلق الحزب بدرجة عالية وبدأ يأخذ حيزاّ كبيراً من اهتمامات جهازه الامني الذي باشرت عناصره تدريباتها الميدانية على احتمال مواجهة السيارات المفخخة والأشخاص الذين يرتدون أحزمة ناسفة"، وتجزم بأن "الجهات السلفية من جهتها هي اليوم أشدّ كرهاً لـ "حزب الله" من ذي قبل، فبنظرها ان الحزب يقف حرس حدود لإسرائيل ويمنعها من ممارسة جهادها على الحدود اللبنانية ـ الإسرائيلية، وإنطلاقاً من هذا المعتقد، فإن مواجهته بالدم أمر لا بدّ من اللجوء اليه، خصوصاً أن معلومات تواترت خلال الأيام الاخيرة تقول إن "حزب الله" قد سمح لبعض الفصائل المقاومة لبنانية وفلسطينية بالتحرك ضمن نقاط محددة في الجنوب".

وتقول المصادر: "لقد سبق لـ"حزب الله" أن مارس السلفية الشيعية عند نشأته، إن من خلال العمليات "الإستشهادية" التي كان يعتمدها وسيلة لإدخال الرعب إلى قلوب الإسرائيليين، أو من خلال فتح جبهات قتالية مع أبناء وطنه، وذلك قبل أن يدرك أن الأمور لا تُؤخذ بهذا الشكل، ليعود ويغيّر استراتيجيته القتالية ضد اسرائيل وطريقة تعاطيه مع الأحداث الداخلية".

وتختم: "اليوم يخشى الحزب أن تتكرر هذه الأفعال على يد السلفيين الذين أصبحوا يرون فيه، ومن ورائه ايران، العائق الأكبر أمام توسعهم في المنطقة.

والامر الأهم والأساسي، هو انّ السلفيين جميعاً يدعون إلى محاربة النظام السوري بينما "حزب الله" هو من أشدّ المدافعين عنه، وهذا الامر لن يترك إرتياحاً عند السلفية لا الآن ولا في حال سقوط النظام السوري".

يُذكر ان أجواء اشيعت خلال الاسبوعين الاخيرين داخل أوساط "حزب الله" مفادها ان المجموعة التي اعلنت انشقاقها عن "الجيش السوري الحر" في الفترة الاخيرة لم تكن سوى ادعاءات كاذبة، كذلك، ان عدداً من افرادها قد وصل فعلاً إلى لبنان وفي حوزتهم أحزمة ناسفة شديدة الإنفجار.

من جهة اخرى أكتفى أحد المشايخ السلفيين في الشمال، رفض الكشف عن اسمه بالقول إن "السلفية في العالم كله تتبع نهجاً واحداً وهو نهج السلف الصالح، ونحن حتى اليوم لم نقرر مواجهة "حزب الله"، أما في حال قررنا ذلك فلا دخل لإخواننا الشيعة في الأمر، لأن خصمنا هو الحزب نفسه لا الطائفة التي يتلطى وراءها".  

السابق
نصران: إلهي وديبلوماسي
التالي
صفعة أوروبيّة للحريري