انتصار دبلوماسي ولكن الطريق طويل

المظاهرات الصاخبة التي سادت كلا من الضفة الغربية وقطاع غزة تأييدا لخطوة الرئيس محمود عباس بالذهاب الى الامم المتحدة للحصول على اعتراف بفلسطين كدولة مراقب اعادت توحيد صفوف الفلسطينيين مجددا، واكدت ان تحدي الولايات المتحدة، وعدم الرضوخ للارهاب الاسرائيلي، والمضي قدما في الجهاد على جميع الجبهات هي المطالب والمواقف التي تنهي الانقسام الفلسطيني، وتقرب الفلسطينيين من الوصول الى حقوقهم كاملة.
انتقدنا الرئيس عباس كثيرا في هذه الصحيفة، وسنظل نواصل الطريق نفسه طالما ان هناك مواقف لا نرى انها تخدم المصلحة الفلسطينية، ولكن نجد لزاما علينا القول انه، اي الرئيس عباس، قاوم ضغوطا امريكية واسرائيلية للتراجع عن هذه الخطوة، او بالاحرى تأجيلها، حتى ان الرئيس الامريكي باراك اوباما اتصل به شخصيا لاكثر من 45 دقيقة تضمنت بعض جوانبها التهديد بعقوبات مالية، ولم تجد هذه التهديدات المباشرة او غير المباشرة اي تجاوب او تراجع.
حصول الطلب الفلسطيني على عدد كبير من الاصوات في الجمعية العامة للامم المتحدة بصورة فاقت معظم التوقعات، سيحرج الولايات المتحدة وادارتها، مثلما سيظهر تزايد عزلة اسرائيل دوليا، الامر الذي قد يدفع الدولتين، اي الولايات المتحدة واسرائيل الى الاقدام على خطوات عقابية ضد الفلسطينيين.
ورقة الضغط الاقوى في يد الدولتين هي المساعدات المالية الامريكية التي تقدر بحوالى 200 مليون دولار سنويا، واموال الضرائب العائدة للسلطة وتقتطعها الحكومة الاسرائيلية من الواردات الى الضفة وقطاع غزة، وهو مبلغ يقترب من المليار دولار.
سيواجه الفلسطينيون ضغوطا اكثر شراسة من اجل عدم الذهاب الى هذه المحكمة من قبل اسرائيل واصدقائها في واشنطن ولندن، والمأمول ان لا يرضخ لها الرئيس عباس تحت اي ذريعة. وان لا يعود الى المفاوضات الا في ظل وجود مرجعية فلسطينية شاملة تمثل كل الوان الطيف الفلسطيني، وبعد تحقيق كل الشروط الفلسطينية اي الوقف الشامل للاستيطان، والاعتراف بالقرارات الدولية وعلى رأسها القرار 194 المطالب بحق العودة.
مباركة حركة المقاومة الاسلامية حماس لخطوة السلطة بالذهاب الى الامم المتحدة يجب ان تكون الارضية التي تتحقق عليها المصالحة الوطنية الفلسطينية، وتطبيق جميع بروتوكولاتها، بما في ذلك اعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية على اسس جديدة بحيث تحقق التمثيل الحقيقي لكل او معظم، ابناء هذا الشعب في الوطن والشتات.
لا نتردد بالتهنئة بتحقيق هذا الانجاز الفلسطيني في الامم المتحدة، ونتطلع ان يكون مقدمة لانجازات دبلوماسية اخرى في المستقبل القريب، ومن بينها، او على رأسها، مطاردة مجرمي الحرب الاسرائيليين دون رحمة او شفقة انتصارا لارواح الشهداء.

السابق
الجيش يضبط ألعاباً بتوقيع عبري!
التالي
حرب: على بري ابقاء رئاسة المجلس بعيدة عن الصراع الدائر في البلاد