زهرا يرشق الإسرائيلي بالحجارة!

انطوان زهرا، النائب «القواتي» في غزة. مشهد ما كان ليخطر على البال أو الخاطر.
الخطوة، بحسب أصحابها، «انسانية وتضامنية بامتياز»، ولو أنها متأخّرة مع شعب مقهور يتعرّض يومياً لأقسى درجات العنف الجسدي والمعنوي.
من حق «قوى 14 آذار» أن تقرر وبجرأة الوقوف إلى جانب فلسطينيي غزّة وأن تشد على أياديهم. موقف يستحق التهنئة. يكفي أنها أخرجت نفسها من قوقعة خبزها اليومي من الخطابات: الحكومة، السلاح، الحقيقة، الاغتيالات، سوريا… وحسنا فعلت بأن فجرت مكنونها «العروبي» المفاجئ، في صحراء «لبنان أولا». فاستقلّ الثلاثي انطوان زهرا وأمين وهبة وجمال الجراح الطائرة المصرية، ليقفوا على معبر رفح طالبين الإذن للدخول إلى الأراضي الفلسطينية. نعم الأراضي الفلسطينية المحتلة. فعلوها، كأنهم واحد من تلك الوفود الدولية الزائرة. كأنّهم واحد من هؤلاء الذين يُسمون «رسل سلام» أو «رسل محبة»، ممن لا يحملون في جعبتهم إلّا بضع «كلمات بيضاء»، تُخجل القاتل في وقعها، تدينه ببساطتها. لا تاريخ سياسيا يجرّونه وراءهم، ولا «مستقبل» يخشونه. مجرّد دروع بشرية.
وقف الوفد الثلاثي، فيما العلم الفلسطيني يلف العنق، بين ركام غزة، بين أبنيتها المتصدعة، وتلك التي تهاوت… صورة استثنائية، تحتاج إلى رتل من الصحافيين (عددهم فاق عدد الوفد النيابي) لحفرها في الذاكرة. استمعوا إلى تفاصيل كثيرة رواها اسماعيل هنية بلكنته الفلسطينية. حمّلوه تحيات قادتهم، سعد الحريري وفؤاد السنيورة وسمير جعجع. نعم قائد «القوات اللبنانية» يرسل سلامته إلى رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة. إنها تحية إلى «الربيع العربي» الذي جمع معراب بغزة، ولو بعد حين.
في شوارع غزة، بدت عيون الضيوف شاردة. الأفواه مفتوحة، الحواجب معقودة. كيف لا، والمشهد غريب على الآذاريين! وكأنهم «دمى» وصلت حديثاً من «بلاد العجائب»، من أرض لم ترتوِ دماً، لم تعرف الهمجية الإسرائيلية ولم تذق مرارتها، منذ أكثر من ستين عاما.
ها هو أنطوان زهرا يهزّ رأسه يميناً ويساراً. يثقله الحزن ومشاهد الموت والدمار. جمال الجراح يعقد يديه ارتباكا،ً ويحبس الدموع في عينيه علّها غدرته وسقطت أمام الكاميرا. بينما أمين وهبة محتار كيف يرتّب الكلمات تعبيراً عن غضبه، فيلجأ إلى الصمت الجدي.
عجباً، ألم يجد هؤلاء النواب، من يذكّرهم أنّ اللبنانيين لم يصابوا بعد بمرض النسيان الجماعي؟ لم يحيلوا صيف العام 2006 إلى تقاعد مبكر من تاريخهم؟ ألم يخطر في بالهم أنّ هناك من سيسألهم في طريق العودة من «فتوحاتهم الغزاوية»، أين كنتم يوم كانت إسرائيل تدمّر وتقتل شعبكم؟ ألم يجدوا من ينبّههم الى أنّ الجنوبيين وأهالي الضاحية يدلّون بالأصبع على من وقف إلى جانبهم خلال الإعتداء الإسرائيلي… ومن تخلّى عنهم؟
بين الأزقة التقى الوفد اللبناني بأطفال غزّة. هؤلاء الذين يشاهدونهم يومياً عبر شاشات التلفزيون، هم «أبطال الحجارة». الحكاية الأسطورية. أطفال كغيرهم من أطفال العالم. يحبون اللعب والضحك والمرح، ولكن لديهم قضية.. وحجارة. هي الحجارة التي أنكرها الضيوف على الفلسطينيين الذي اخترقوا بصدورهم الشريط الشائك في مارون الراس قبل سنتين ومن قبلها لاموا أدوار سعيد على رمي حجرته الشهيرة عند «بوابة فاطمة»..
فقط، تخيلوا لو أمسك أنطوان زهرا الحجارة من الأرض لرشقها بوجه الإسرائيلي! 
 

السابق
مرسي فعل ما لم يجرؤ عليه مبارك
التالي
ما علاقة حزب الله بتوقيف ماهر المقداد؟