أدلة المحكمة مادية وحجـمها يـؤكد عـدم الفبـركة

تطبيقا لقانون الإجراءات والإثبات في المحكمة الخاصة بلبنان، وتأكيداً على مهنيتها العالية أودع الإدعاء في 15الجاري نسخة سريّة من المذكرة التمهيدية لدى قاضي الإجراءات التمهيدية ،ثم عرض الموقع الرسمي للمحكمة الدولية النسخة العلنية المموّهة منها، والتي نصّت على عزم الإدعاء دعوة 557 شاهداً وتقديم 13170 دليلاً على ضلوع سليم العياش ومصطفى بدر الدين وحسين عنيسي وحسن صبرا بتهمة التحضير وتنفيذ عملية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه.

وتعرض المذكّرة التمهيدية المؤلّفة من 58 صفحة تفاصيل المزاعم والتّهم الواردة في قرار الاتهام. وتتضمّن بالنسبة إلى كلّ تهمة واردة في القرار ملخّص الأدلّة التي يعتزم المدعي العام تقديمها عن ارتكاب الجريمة ونوع المسؤولية التي يتحملها كل متهم ورد اسمه في الادعاء.

واستناداً لموقع المحكمة الدولية الإلكتروني، «حملت المذكّرة التمهيدية والمستندات المرتبطة بها صفة السرّية، فيما تخضع قائمة الشهود وقائمة الأدلة للسريّة التامة ما لم يقرّر القضاة خلاف ذلك» وأن المدة التي سيستغرقها الادعاء لعرض قضيته وأدلته ستصل إلى 457.5 ساعة.

وتستعرض المذكرة للمراقبة التي تعرّض لها الرئيس الحريري وكيفية حصول الإنفجار وكيفية وصول الشريط الإخباري إلى قناة الجزيرة والمرفق برسالة من رجل يدعى أحمد أبو عدس يزعم فيها زوراً أنه المفجّر الانتحاري نيابة عن مجموعة متطرفة غير موجودة تسمى «مجموعة النصرة والجهاد في سوريا الكبرى».

ولفت مكتب الادعاء الى أن «اغتيال الحريري كان تتويجاً لتحضيرات مكثفة قامت بها مجموعة من الأشخاص تملك إما مهارات تقنية وأو خبرات، وعملت معاً من أجل ارتكاب هذا الاعتداء الإرهابي».

ويفنّد مكتب الإدعاء لكيفية حصول عمليات المراقبة ولمهام كل واحد من المتهمين وأدوارهم في التحضير وتنفيذ الاعتداء الإرهابي.

كما تضمنت المذكرة توصيفاً للبيانات الفردية لكل من المتهمين وارتباطهم بالأسماء الوهمية والمزورة التي استخدموها، وسرد مكتب الادعاء الأدلة التي يمتلكها حول شبكة الهواتف الخليوية التي استخدمت أثناء عمليات رصد منازل الحريري وتنقلاته، بما في ذلك حركة الاتصالات بين هذه الهواتف، ذاكراً ارقامها مع الإشارة إلى أصحابها برموز، استناداً إلى سرية الشهادات والتحقيقات.

وفي مجال توصيفه لـ «المؤامرة»، رأى الإدعاء «أن التصرفات الوارد تفصيلها لاحقاً، تبرهن أن بدر الدين وعياش وأعضاء فريق القتلة كانوا أعضاء مبكرين في المؤامرة، وأن عنيسي وصبرا وشخص يرمز له بـS15 إنضموا إلى المؤامرة في وقت لاحق. والأدلة التي بحوزة مكتب الادعاء تبرهن أن جميع المتهمين توافقوا على ارتكاب الاعتداء الإرهابي منذ 16 كانون الثاني 2005 على أقل تعديل».
وإذ يسرد الادعاء تفاصيل الاتصالات الهاتفية الخلوية التي كانت تتم بين منفّذي الهجوم الارهابي الذي اودى بحياة الحريري، وتقسيم هذه الهواتف إلى شبكات تحمل الألوان الحمراء، الخضراء، الزرقاء، الصفراء، الأرجوانية والهواتف الخلوية الشخصية، يغوص في مقاطع تم تمويهها للمحافظة على السرية المطلوبة في المعلومات والتحقيق والمحاكمة، لكي يفسّر عمل كل شبكة والهواتف العائدة لكل من المخططين والمنفّذين وارتباطهما بالعمل الإرهابي.

وفي قراءة قانونية لمذكرة الإدعاء رأى نقيب المحامين الأسبق في طرابلس رشيد درباس أن مذكرة الإدعاء حدّدت بدقة دور كل متهم في الجريمة «فعبّاس إشترى السيارة، ومصطفى بدر الدين رصد هو وعبّاس، ثم دخل العنيسي وصبرا لاحقاً من أجل إختيار الرجل الذي سينسب لنفسه المسؤولية عن الإنفجار وهو أبو عدس، حتى أنهم علموا المكان الذي اشتريت منه المتسوبيشي ومن اشتراها».

وقال: «ربطوا كل الإثباتات بحركة الإتصالات وقد يكون هذا الشيء صحيح ولكن الأكيد أن هناك إثباتات ناتجة عن الحمض النووي، وعن السيارات التي استعملت، وعن تركيب المتفجرات وطبيعة الأرض، وعن كيفية الكشف على مسرح الجريمة وغيرها الكثير من الأدلة والإثباتات».

وخلص إلى أن هذا الإستعراض الذي قدّمه الإدعاء تعبير عن عشرات الآلاف من الصفحات «وأن وجود 13ألف و500ألف شاهد دليل على أن المدعي العام وفريقه قاموا بعملهم الموسوم بالرصانة والجدية والذي لا يؤثّر فيه الكلام الهوائي مثل أن الأدلة مفبركة، لافتاً إلى أن حجم الأدلة يؤكّد عدم وجود فبركة خصوصاً وأن هناك عدد كبير من فرق التحقيق والخبراء ورصد المكالمات الهاتفية عملت جاهدة وتوصلت إلى النتائج التي عرضها الإدعاء. فمنذ العام 2005 والعمل جارٍٍٍٍ لتجميع الإثباتات والشواهد والفحوصات المخبرية والإستماع إلى الشهود ومراجعة الخبراء، والمفروض ألا يبقى شيئاً مخفيّاً».
واعتبر أن العيّنة التي قدّمتها مذكرة الإدعاء تنم عن عمل معقّد وجدّي ورصين وكبير وشديد الإحتراف.

وحول ما إذا كانت الأدلّة كافية لإدانة الجناة أوضح درباس أن الجهة التي تقرر في ذلك هي المحكمة، لافتا إلى أن قاضي الإجراءات التمهيدية دانيال فرنسين وجدها جدّية وأن هناك ما يبرّر إحالتها إلى المحكمة، لافتاً إلى أن هذه الأدلة ستخضع لإعادة تمحيص من قبل المحكمة التي ستأخذ منه ما تقتنع به وترفض ما لا تقتنع به وبعد ذلك تصدر حكمها وفقاً لما إقتنعت به من أدلة، متحدثاً في هذا الإطار عن ما يسمى «مبدأ الوجدان الخاص للقاضي».

وعن التوقيت الذي حدّدته المحكمة للإدعاء لعرض أدّلته أشار درباس إلى أن هناك مبدأ ثابت في كل المحاكمات لدى كل الدول هو مبدأ شفهية وعلانية المحاكمة، وإذا لم تكن المحاكمة شفهية تكون سبباً للإبطال والنقض، مؤكدّاً أن الشفهية هي الأساس ولذلك فإذا كان سيتم تلاوة الأدلّة بصورة شفهية فيحتاجون إلى هذا الوقت وهم حدّدوه بـ 457.5 ساعة، موضحاً أنه للإلتزام بالوقت المحدّد يمكن عقد جلسات متعاقبة وسريعة. أما في حال تجاوز ذلك مدة عمل المحكمة المحدّد بثلاث سنوات فسيتم التمديد لها.

وعن وضع الشهود الذين عرّفت عنهم الذكرة بأسماء مستعارة رأى درباس أن القانون ينص على إمكانية الإستماع إلى الشهود من دون تبيان هويتهم بالكامل للحفاظ على سلامتهم، إذ يمكن أن يتعرّض الشهود للقتل.

السابق
اللواء: الضاهر: زيارة وفد قوى 14 آذار إلى غزّة مبادرة طيّبة أظهرت الدعم الحقيقي وليس المزيّف للفلسطينيين
التالي
الأنوار: النقابات تستعد للاضراب المفتوح والرئيس سليمان وبري يدعوان الجميع للحوار