مبادرة وسطية في أزمة محورية

كيف يمكن إخراج لبنان من حال التوتر الى حال الاستقرار؟ هذا هو التحدي الذي يضعه رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط أمام الجميع، عبر المبادرة السياسية للحفاظ على السلم الأهلي والاستقرار. أمام الذين يقولون من مواقعهم في السلطة إننا في حال الاستقرار. وأمام الذين يرون من مواقعهم في المعارضة أننا في حال أخطر من التوتر. أمام القوى التي شعارها ان الأزمة أفضل من الحل السيئ. وأمام القوى التي شعارها ان الحل السيئ أفضل من الأزمة أو التي ترى أن الحل السيئ في نظر سواها هو الحل الجيد في نظرها. وبالطبع أمام اللبنانيين العاديين الذين أعطاهم الانقسام السياسي الطائفي والمذهبي بأبعاده الإقليمية معاناة الأزمة والحل السيئ معاً.
ولا شيء يزيد من المخاطر الخارجية على لبنان سوى المخاطر الداخلية التي نصنعها نحن بأيدينا. ولا مجال للحد من المخاطر الخارجية إلا بالتوقف عن صنع المخاطر. فمن باب الواقعية يسجل وليد جنبلاط ان نقطة الخلاف الأساسية هي السلاح ومعادلة الجيش والشعب والمقاومة. لكنه يرى أن الحل الجذري ليس ممكناً اليوم ولا بد من الوصول اليه في وقت ما. ومن موقعه الوسطي يتطلع الى جانبيه فيرى انخراط المقاومة وبعض المعارضة في ميدانيات الأزمة السورية تحت سياسة النأي بالنفس ومن دون قدرة على التأثير في ميزان القوى هناك. وتحت ضغوط الوضع الاقتصادي يدعو جنبلاط الى حوار اقتصادي بعد مقاطعة العرب لنا بقرار سياسي لأنهم يريدون محاربة ايران في لبنان ونحن نرفض ذلك، كما نرفض استعمال طهران للبنان كغزة ثانية من أجل تحسين تفاوضها الدولي.

ومن هنا، فإن الضروري في رأي جنبلاط هو حل مرحلي يخلق مناخاً وطنياً جديداً للتفكير في صيغة حكومية. فلا حكومة قبل التوافق عليها بالتشاور. ولا استقالة من الحكومة قبل ذلك. ولا سبيل لحل الخلافات الا بالحوار.
والسؤال تكراراً هو: هل التوتر حادث عرضي أم سياسة منهجية؟ من يقنع الذين يرون أن استقرار الحكومة ولو فوق أزمة عميقة أهم من استقرار لبنان في ظل حكومة أخرى بالتخلي عن حساباتهم؟ هل يكفي توصيف الوضع الخطير، والكل يعرفه، أم ان فتح الطريق المسدود يحتاج الى صدمة غير عادية؟
وليد جنبلاط قال كلمته ولم يمشِ. والبقية ثابتة في مواقعها. وما دامت الأزمة مفتوحة على الصراع الإقليمي والدولي، وليس بين القوى الإقليمية من يريد حلاً، فهل يحقق اللبنانيون معجزة التفاهم؟

السابق
مظاهرة مليونية لالغاء مقررات مرسي “الجنونية” اليوم
التالي
ما بعد الجماهير العربيّة