قيادة الشيوعي الحالية تعطل النظام الداخلي


سعد الله مزرعاني اسم يتردد بكثرة خلال الحديث عن المشكلات الداخلية في الحزب الشيوعي. هو عضو المكتب السياسي وأحد الأصوات المعارضة المرتفعة بوجه ما يوصف بـ «تفرد القيادة بتحديد سياسة الحزب الداخلية والخارجية».

مزرعاني دفع ثمن تمايزه ومعارضته لتوجه «الشيوعي» حين عمد أمينه العام خالد حدادة الى سحب مسؤولية الاعلام وادارة اذاعة «صوت الشعب» التابعة للحزب منه، تحت حجة أن مزرعاني «باع» امتياز جريدة «الاخبار» في إطار يرى فيه معارضون أنه «يهدف الى تشويه سمعة مزرعاني وضرب اي توجه معارض».

الإحباط ما يجري في الحزب يبدو واضحاً في كلام مزرعاني الذي لا يتوانى عن البوح به على شكل مقالات ينتقد فيها الواقع الذي يمر به الحزب.

في حديثه الينا رفض مزرعاني التعليق في شكل مباشر على الاجتماع الأخير للجنة المركزية لأنه كان غائباً عنه. لكنه يرى أن أسباب التوتر التي أدت الى حصول اشتباك بين المجتمعين تعود الى أمور عدة يفندها على النحو الآتي:

* تعطيل عمل الهيئات والاستفراد بالقرار من خارج الهيئات الشرعية للحزب بحيث يُتخذ القرار في شكل فردي تماماُ كما حصل في موضوع فضائية «اليسارية» الذي قرأنا عنه في الصحف وعلمنا أن الأمين العام للحزب هو رئيس مجلس الادارة في القناة من دون توضيح سياسة المحطة ولا توجهاتها.

* هناك محاولة للإساءة لعدد من المعارضين من خلال تركيب ملفات ضدهم والتعامل مع اي اعتراض أو نقد باعتباره اعتراضاً على الحزب وليس على أداء الاشخاص المعنيين. لقد تم فصل احد اعضاء اللجنة إثر قرار متسرع وخاطئ. وهو قرار ألغته الهيئة الدستورية فردت القيادة وألغت الهيئة من اساسها، رغم كون الهيئة مرجعاً لبت النزاع، وتالياً فإن صلاحياتها فوق صلاحيات اللجنة المكزية. ما حصل هو مس بشرعية الهيئات كلها.

* التأخير في التحضير للمؤتمر العام المفترض عقده في شهر فبراير المقبل، اي بعد نحو شهرين. هذا التأخير يبيّن وجود نية لتأجيل المؤتمر. وإذا قررت القيادة التأجيل من دون سبب مقنع فذلك يكشف عن رغبتها بالتجديد لنفسها.

* وجود اعتراض داخلي لافت على مواقف الحزب وسياسته في القضايا السياسية الكبيرة. اليوم بات الحزب وحيدا، إذ تخلى عن حلفائه القدامى ولم يفلح في إيجاد حلفاء جدد للعمل معهم، رغم أن لدى الحزب أهدافاً يلتقي فيها مع كثير من الاطراف تقوم على العمل لبناء دولة المؤسسات والقانون وتشكيل الهيئة الوطنية لالغاء الطائفية السياسية.

يرى مزرعاني أن «القواعد الشعبية ابتعدت عن الحزب لأنها لا تثق به فباتت تحضّر لتحركات في شكل فردي تماما كما حصل في الحراك الشعبي المطالب بالغاء الطائفية السياسية. فالمنظمات الشعبية ونقابات الحزب ضعيفة، وتالياً لم يعد في إمكانه تنظيم اي نشاط لأن هياكله فارغة ولا تشكل اي قوة».

أما على الصعيد السياسي العام الحزب، بحسب مزرعاني، «لم يستطع ان يشكل مركز استقطاب سياسياً في البلاد بسبب اولوياته وابتعاده عن حلفائه وعدم قدرته على ابتكار خط سياسي متمايز عن قوى14 و 8 آذار وذهب الى شعارات قديمة لا تنفع إلا في زمان ومكان محددين، ولا تحمل أي معنى أو جدوى في المرحلة الحالية. ولذا اعتمد الحزب سياسة الهروب الى الايديولوجيا على حساب تطوير البرنامج والرؤيا».

وحيال ترهل الواقع الداخلي للحزب يلفت مزرعاني الى «أن أخطر ما في الأمر ان القيادة تسعى الى ضرب النظام الداخلي لجهة المواد التي تتعلق بتحديد مهل تولي المسؤوليات. فالامين العام يحدد له دورتين وحدادة انهى المهل المسموحة له. لكن القيادة أعلنت صراحة أنها تريد تعطيل هذه المادة، فيما المعارضة الداخلية تتمسك باحترام النظام الداخلي».

في ذكرى تأسيس الحزب الشيوعي كتب مزرعاني عن أزمات الحاضر في الحزب والقلق من المستقبل فسأل بعد الانتفاضات العربية التي حصلت خارج «بيت الرحم الثوري» التقليدي: ما برامج التغيير واولوياتها؟ ما هي قواها؟ ما أساليب النضال؟ وكيف نعود إلى الناس ليعود الناس إلينا ومعنا؟». اسئلة إستمرت… اسئلة.

 

السابق
انتهاء عملية أخذ عينات من رفات عرفات… لمعرفة سبب وفاته
التالي
حبيب: ليقبلوا بوثيقة بعبدا وإلا فليتحملوا مسؤولية تكابرهم