حرب من أجل هدنة: لا مقاومة ولا تسوية ؟

العدو الاسرائيلي يستمر في قصف غزة والتلويح بعملية برية ضدها. وفصائل المقاومة تستمر في قصف اسرائيل بالصواريخ من عسقلان الى القدس. والكل ينتظر ما تنتهي اليه الجهود الديبلوماسية المتسارعة لترتيب هدنة مركزها الإتصال المصري وأطرافها عرب وأتراك وأوروبيون بالاضافة الى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي كون ووزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون. فالمأزق كبير، وإن اختلفت مواقع الأطراف فيه. اسرائيل في مأزق القوة. غزة ورام الله في مأزق الانقسام الفلسطيني على السلطة قبل البرنامج الوطني لادارة الصراع مع اسرائيل. والعرب في مأزق الضعف.
وما يحاوله أصحاب الجهود الديبلوماسية هو إخراج اسرائيل من مأزق القوة، وإبقاء العرب في مأزق الضعف، وتجريد غزة من عناصر القدرة على المقاومة.
ذلك أن حماس تمثل الحركة الجهادية للإخوان المسلمين لكنها فلسطينية الوجه كما يقول رئيس حكومتها اسماعيل هنية.

واستقلالها في غزة كان بداية الربيع العربي الذي رأى أنه صار ربيعاً إسلامياً. لكن قضية فلسطين أكبر من اختصارها بما يفعله قطاع غزة وما تدور حوله سلطة فتح في الضفة الغربية، وثورات الربيع العربي أوسع من اختصارها بسيطرة الإخوان المسلمين على السلطة في مصر وقيادة السلطة في تونس ومشاركتها في ليبيا.
وليس اصطدام المتظاهرين في القاهرة مع الشرطة وقت الانشغال بحرب غزة، وهم يحيون ذكرى مذبحة شارع أحمد محمود سوى اشارة الى أن ثورة ٢٥ يناير تلاحق الرئيس محمد مرسي. ولا انسحاب ممثلي الكنائس والقوى الليبرالية واليسارية والوطنية من اللجنة التأسيسية للدستور احتجاجاً على اندفاع الإخوان والسلفيين نحو دستور لدولة دينية، سوى تذكير بأنه لا مستقبل ولا دور لمصر الا في دولة مدنية ضمن اطار العروبة والحداثة.
ولا أحد يجهل ماذا تعني الهدنة الطويلة التي تريدها اسرائيل بالنار ل ١٥ سنة. وقيل إن حماس سعت قبل الحرب الى هدنة تدوم ٢٠ سنة. فهي نهاية لبرنامج التحرير بالمقاومة من دون رغبة لدى حماس ولا قدرة لدى السلطة الوطنية على التوصل الى تسوية ضمن حل الدولتين بسبب تصلب اسرائيل الاستراتيجي في رفض دولة فلسطينية، وإن تحدثت تاكتيكياً عن التفاوض عليها.
ومن المهم بالطبع الرهان على صمود غزة، وسط الخراب وتساقط الضحايا، وقدرتها على تهديد القدس وتل أبيب بالصواريخ. لكن الأهم هو أن تصبح المقاومة نواة لخيار النهوض الوطني والقومي العربي. فمن هنا تأخذ المتغيرات بعدها الناقص في ثورات الربيع العربي. ومن دونها يبقى الدور العربي مجرد زيارة تضامن مع غزة يقوم بها وفد وزاري عربي وتركي.

السابق
جمعية التجّار في النبطية تدقّ ناقوس الخطر بسبب السرقات
التالي
الحرس الجمهوري يخوض المعارك.. ولافروف يحذر