إحياء رميم الربيع العربي بدماءغزة


يوماً فآخر يتضح هول المؤامرة التي أعدّتها الصهيونية العالمية على بلادنا وحيكت بأفكار استعمارية يهودية في الدوائر الغربية والأوروبية، وترجمت على أرض الواقع بتآمر خليجي أعرابي تحت غطاء ما يسمى بـ«الربيع العربي»، الذي يسير وفق البوصلة الأميركية والفرنسية وغالبية المحور الغربي، حفاظاً على استمراريته في التحكّم بمقدرات البلاد النفطية لاستخدامها في خدمة مشاريعه التي تصبّ في النهاية في خدمة «إسرائيل» وضرب محور المقاومة من العراق إلى سورية فلبنان وفلسطين، إلى الخطوط الخلفية في السودان واستهداف الإمدادات التي تدعم قطاع غزة وما يحتاج إليه في معركة الصمود أمام الجسور الجوية التي تزود دولة العدوان بأدوات القتل والدمار التي نشهد أعنف فصولها في المعركة الدائرة بين المقاومة الفلسطينية و«إسرائيل» حالياً.
مسألة تحريك جبهة غزة عسكرياً، في هذا الوقت تحديداً، لها دلالاتها في استراتيجية المؤامرة على أمتنا، خاصة بعدما خفت وهج «الربيع العربي» في ضوء الصمود السوري ضدّ الحرب الكونية المعلنة عليه وعلى محور المقاومة، فهذ أن الصمود والتماسك الأسطوريان للجيش والشعب والقيادة والتصدي لجحافل التكفيريين ودحرهم من مساحات شاسعة حاولوا السيطرة عليها وملاحقة فلولهم وشراذمهم، أدت إلى بتر أذرع التآمر على سورية في أكثر من منطقة ومدينة وريف، وما تقوم به تلك الشراذم المأجورة من تفجيرات وحوادث أليمة متنقلة تدل على أن مسألة القضاء عليهم باتت أقرب إلى الواقع والحقيقة من الخيال والوهم الذي زرعته السعودية وقطر وتركيا وما يسمى بـ«الجامعة العربية» في رؤوس «المجالس» المتنقلة من اسطنبول إلى باريس وغيرهما. كل ذلك أدى إلى خفوت وهج دويلات «الربيع العربي»، ما دفع بدول التآمر كافة إلى ضخّ سمومها في شرايين تلك المحميات الصهيونية لئلا تنهار وتفشل في أداء دورها في مشاريع التقسيم المتجددة للعالم العربي وشرذمة دوله باتفاقية «سايكس ـ بيكو» جديدة يحضّر لها منذ احتلال العراق وصولاً إلى الانقلابات المشبوهة التي حصلت في مصر وتونس وليبيا وطالت شظاياها بعض الفصائل الفلسطينية باستغلال مقيت ومفضوح للمذهبية والطائفية وتلاعب بمشاعر غالبية الشعوب العربية التي ما زالت ترزح تحت موروثات الصراعات القديمة في مسائل خلافية لا نهاية لها.
تحاول أميركا و«إسرائيل» إحياء الدور المصري والقطري والسعودي، بمعاونة تركيا، في إيجاد حل أو هدنة أو اتفاق يفضي إلى وقف العمليات العسكرية الدائرة بين غزة المقاومة وآلة التدمير والقتل اليهودي، واحتضان الفصائل المقاومة وإقناعها بوقف تصديها الصاروخي الذي أرعب دولة العدو الصهيوني وأوقعها في مأزق كبير تحاول التغطية عليه باستهداف المدنيين الأبرياء وتدمير المنازل على رؤوس ساكنيها وتخشى في الوقت ذاته الاجتياح البري، بعد فشل اعتداءاتها الجوية، على كسر شوكة المدافعين عن القطاع، لعلمها أنها ستتكبّد أثماناً باهظة في الأرواح والمعدات وسترتد فشلاً ذريعاً على جميع الصعد.
وحدها سورية بصمودها وقدرتها النابعة من نبض شعبها وإيمانها بحقها في الحياة الحرة الكريمة، تضع حداً فاصلاً بين الحق القومي والوطني الذي تؤمن به وتعمل على تجسيده بين جميع مكوناتها مهما اختلفت أعراقهم وانتماءاتهم، لأنها ترى أن لا خلاص من السيطرة الغربية الاستعمارية وهمجية الصهيونية العالمية وتخاذل المستعربين التكفيريين إلّا بالوحدة القومية والوطنية النابعة من حقيقة وجودها كأمّة لها تاريخها وحضارتها ومن قوتها الذاتية النابعة من وحدتها، كذلك هي الفصائل الفلسطينية المقاومة التي وقفت في وجه «إسرائيل» وتمكنت من تغيير قواعد الاشتباك لمصلحتها وأرست قوة الردع والرعب الذي لا يمكن للعالم أجمع أن يتجاهل نتائجه على أرض المعركة في فلسطين… أمّا دول «الربيع العربي» التي تتخبّط في توجهاتها وتخضع للإملاءات الأميركية والصهيونية فستفشل وتنهار أمام نبض شوارعها الرافضة للتطبيع، وستجد نفسها أمام خيارين لا ثالث لهما: إمّا أن تنتصر لمحور المقاومة وتدخل في عمق المواجهة مع الإجرام الصهيوني، كلٌّ بحسب قدراته وإمكاناته بعيداً عن الإيديولوجيات المذهبية والعرقية، أو ستجد نفسها أمام مأزق الانهيار الحتمي إذ أثبت الزمن أن الهزائم ولت وأن الانتصارات المتتالية وحدها تحدد مستقبل الشعوب وتكتب التاريخ.
كلمة أخيرة للمتهافتين والساعين إلى الضغط على المقاومة الفلسطينية لإيقاف القتال خوفاً على عروشهم المتهالكة من الانهيار السريع: ارفعوا أيديكم عن المقاومة في فلسطين وفي أي مكان وجدت فيه، إذ لا فضل لكم عليها، ولن تنتصر أساليبكم الاستسلامية في قمع الهمجية «الإسرائيلية»…
وحدها الدول التي تؤمن مستلزمات الصمود والقتال لها الحق في إبداء رأيها (رغم التجاهل المقصود لغاية في نفس «مشعل») ووحدها لها الحق في التعاون مع المقاومين والقادة الشرفاء لوضع حد نهائي للاعتداءات المتكررة التي تحصل يومياً.

السابق
عاصي سفير النوايا الحسنة
التالي
قتلى في معارك بين الجيش ومتمردين في جنوب السودان