نشرت صفحة "قناة الميادين" على الفايسبوك بعد ظهر الأحد في 18 تشرين الثاني صورة مروّعة لثلاثة أطفال وامرأة مضرّجين بدمائهم، وقالت إن الصورة هي من مجزرة غزة التي ارتكبتها قوات الاحتلال الاسرائيلي ظهر اليوم نفسه. وقد تبيّن بعد ساعات قليلة من النشر أن الصورة لم تكن من غزّة بل من سوريا، وأن شريط الفيديو المأخوذة منه موثّق ومرفوع على اليوتيوب قبل أكثر من شهر (أي في تشرين الأوّل الماضي)، وهو مصوّر في الحراك في محافظة درعا.
وعلى الرغم من أن 2550 شخصاً كانوا قد نقلوا الصورة عن صفحة القناة قبيل منتصف الليل (مع 992 لايكاً و667 تعليقاً)، فإن الصورة سُحبت من الموقع صبيحة الإثنين، ولا أعرف إن كانت القناة قد اعتذرت من مشاهديها ومن زوّار صفحتها ومن ناقلي الصورة عن الخطأ الذي وقعت وأوقعتهم فيه.
لكنّها أبعد من هذه وتلك. فهي أخلاقية أولاً وقبل كل شيء، لأن القناة المعنيّة تبدو بالنسبة لجمهورها كما لمنتقديها، متعاطفةً في السياسة مع قتَلة الضحايا الذين عرضت جثامينهم لاستدرار عطف، هو نفسه العطف الذي تُنكره عليهم في مكان قتلِهم الفعلي، سوريا، وللتشهير بهمجية هي نفسها التي لا "تراها" سمةً (قد تكون الوحيدة) للنظام الذي قتلهم…
وهكذا، يجري محو ضحايا عبر سحب صورتهم عوَض الاعتذار عن "الالتباس" والاكتفاء بتعديل الكلام المرافق للصورة تأكيداً على حرارة الدماء فيها وعلى التعاطف في كلّ الأحوال مع أصحابها الأطفال وأمّهم حيث صُرعوا، جنوبَ سوريا. وكأنّ المقصود في المحو هو البحث عن مداواة داء (أخلاقي وبصري-سمعي) بواسطة وضع ضحايا في مواجهة آخرين، أو إحلالهم محلّهم.
|
||