عن المأزق الوطني الكبير

بالعربي المشبرح والفصيح، كما باللغة اللبنانية المحكية الغالية على قلب سعيد عقل لبنان، لا سبيل الى المغمغة، والتجاهل، والتهرّب من واقع الحال الذي يقدّم نفسه بأحداثه المشبوهة جداً، وبتهديدات خطباء الهيجاء المستنفرين سيوفهم وأحقادهم لتفجير الوضع الواقف على صوص ونقطة.
والأصح، لتفجير الوضع الذي أوصلوه هم، وبكل نيّة سيئة، الى حافة الهاوية.
فلا تغرنّكم، إذاً، مظاهر الأشياء. ولا تلهينّكم بحبائلها تلك الكلمات المغلّفة بالنعومة واللهفة على البلد، فيما تخفي وراءها كذا وكيت من الفتن والمكامن.
لقد سبق الفضل وأخذ الناس، بكبارهم وصغارهم، علماً بـ"الغطاء الدولي" العربي الأممي الكوني الذي "ينعم" به لبنان في مرحلة العواصف التغييرية التي تجتاح المنطقة.
إلا أن هذا الغطاء، هذا اللحاف، هذا الشرشف، قد لا يصمد طويلاً إذا ما فلت الملقّ في هذه الغابة المرصوفة بكل أنواع الأسلحة، وكل أنواع الثاراث، وكل أنواع التحريض.
على رغم كل الرسائل الخطية والشفهية التي ينقلها موفدون من أربع رياح الأرض، والداعية القيادات والمرجعيات ومختلف الفئات الى التعقّل والتبصّر، فإن متعهّدي الحروب الأهلية والطوائفية لا يرعوون.
من هنا القول إن لبنان لا يزال في مرمى الفتن، وفي وسط ملعب الأزمات السياسية الوطنية المصيرية البالغة التعقيد والخطورة.
متعددة هي الأسباب والعوامل التي أوصلت البلد الصغير الممزق، المغلوب على أمره، الى حافة انهيارات من كل الأنواع والأسماء، في مقدّمها الجمود الاقتصادي الذي ينعكس بدوره على مجمل دورة الحياة الطبيعية.
وقد أوجدوا لكل مدينة ومنطقة علّتها، مرفقة بالدوافع التي تؤدّي الى حفر الخنادق ورفع المتاريس والحواجز:
بيروت العاصمة، التي تكاد تمضي لياليها شبه وحيدة، تعرّضت لأكثر من تجربة وامتحان ومن عيارات الدواليب المشتعلة والنزول مع الأقنعة والأسلحة الى الشوارع والطرق العامة. طرابلس، العاصمة الثانية، لا تزال تعيش وتمضي أيامها في ظلّ مدافع المحبة بين جبل محسن وباب التبانة. صيدا، جاء دورها بطبل وزمر ومعركة، وقد دقت الفتنة بابها أخيراً بعدد من القتلى والجرحى، وواعدتها بزيارات لاحقة.
وعلى افتراض أن هذه الحكومة باقية لأسباب تتّصل مباشرة بالوضع السوري، ألا يصبح من الضروري البحث عن حلول موازية من شأنها المحافظة على قشرة الاستقرار؟
الوزير غازي العريضي أعلن على الملأ ان البلد في مأزق وطني كبير وحقيقي، بعيداً من المكابرة والتمويه والتهرّب.
فهل مَن يلبّي نداءات الاستغاثة قبل فوات الأوان؟ 
 

السابق
نصرالله: تصعيد لتغطية الفشل
التالي
متى يستقل اللبنانيون؟