إشارات التغيير الأميركية وصلت إلى لبنان

انعكس تشكيل المجلس الوطني الائتلافي المعارض في الدوحة على الداخل اللبناني بعد الاعترافات الدولية المتتالية، وخصوصاً من عواصم القرار، ما دفع ببعض القيادات السياسية إلى إعادة قراءتها لمسار الأوضاع في لبنان والمنطقة.
وتشير المعلومات إلى اتصالات وردت إلى بعض القيادات اللبنانية تدعوها إلى الانخراط والقبول بتشكيل حكومة جديدة ولا سيما مع النائب وليد جنبلاط، الذي وبحسب المطّلعين، تلقّى إشارات دولية من أصدقاء في عواصم القرار ومن خلال أقنية عديدة، الأمر الذي دفعه إلى التصريح للمرة الأولى بضرورة تشكيل حكومة حيادية، أو وطنية، بعدما كان يُعتبر السدّ المنيع في مواجهة التغيير الحكومي، وأن وضعيته مع "حزب الله" تمنعه من القيام بهذه الخطوة غير المسبوقة تحت شعار الخوف من الفراغ وعلى الاستقرار.

أما ما دفع بسيد المختارة إلى تغيير موقفه ولو جزئياً حتى الآن، فهو بداية قراءته لمؤتمر الدوحة الذي أنتج اجتماع المعارضة السورية في إطار واحد لكل الفصائل المعارضة للنظام السوري، ومن ثم تغطية المجتمع الدولي للمؤتمر المذكور، وكذلك الردود التي اعترفت بمرجعية هذه الفصائل أو المعارضة، لا سيما من واشنطن وباريس.

وفي سياق متصل فإن جنبلاط قرأ الأحداث التي حصلت في صيدا وتداعياتها، ونتائج الانتخابات الطالبية في الجامعات اللبنانية ـ الأميركية، والأميركية، وسيدة اللويزة، والتي صبّت بأكثريتها الساحقة في اتجاه قوى الرابع عشر من آذار.

وقد دفعته هذه العناوين والمسلّمات إلى إطلاق اشارات التغيير، ما أربك حلفاءه في "8 آذار" وأزعج "حزب الله" تحديداً، الذي سبق وأشاد الأسبوع الفائت بموقفه المتمسّك ببقاء الحكومة لخوفه من الفراغ وعلى استقرار البلد.

لكن مقربين من زعيم المختارة، يؤكدون أنه بات ميالاً للقبول بالتغيير الحكومي، وزيارة وزراء "جبهة النضال الوطني" إلى الرئيس نبيه بري، إنما صبّت في هذا السياق، وثمّة اتصالات تجري مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي للغاية عينها، أي أن جنبلاط لا يرغب في خطوة منفردة بل منسّقة مع الرئيسين برّي وميقاتي، وحتى مع "حزب الله"، وتأكيده أنه لن يجاري قوى "14 آذار" بتشكيل حكومة حيادية، وإنما حكومة وحدة وطنية تضمّ كل الأطراف والقوى السياسية.

من هذا المنطلق، فإن الإشارات الدولية وتحديداً الأميركية، بدأت تأخذ مفعولها وتُعمّم بطريقة أو بأخرى على الجهات المعنية لأجل التغيير. ورسالة وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان إنّما صبّت في هذا السياق.

وفي المقابل عُلم أن الرؤساء الثلاثة سيبقون هذه الأجواء طيّ الكتمان إلى ما بعد عيد الاستقلال وجلسة الحوار الوطني، إذ تبلّغ رئيس الجمهورية عن مشاركة لبعض أقطاب "14 آذار" في جلسة التاسع والعشرين من الجاري بشكل مستقل من دون أن يعني ذلك تمثيل هذا الفريق.

وهنا قد يحضر الرئيسان أمين الجميل وفؤاد السنيورة ليطرحا على الطاولة موضوع استقالة الحكومة والإتيان بحكومة أخرى تُدرس آليتها وشكلها ضمن النقاش على طاولة الحوار.

وفي المحصّلة، يبقى أن توحيد المعارضة السورية بإجماع عربي ودولي وتوالي المواقف الدولية والغربية المؤيدة، سيترك بصماته وارتداداته على الساحة اللبنانية، وذلك ما سيظهر في الأيام المقبلة من خلال المواقف السياسية وإعادة البعض لتقويم مواقفه والإقدام على خطوات مغايرة عن السابق مثل النائب وليد جنبلاط.

في الوقت الذي أشارت فيه المعلومات إلى ما يشبه الضغوط الدولية وحتى العربية على لبنان للاعتراف بالفصائل المعارضة ممثلاً شرعياً للشعب السوري، مع تقدير ومعرفة المجتمع الدولي لخصوصية لبنان في هذا السياق، وسلوكه بما يعرف بسياسة النأي بالنفس، والحد الأدنى يكون في عدالة التعاطي بين السلطة اللبنانية والنظام السوري والفصائل المعارضة.

ويبدو أنّ عدداً من العواصم الغربية والعربية غير مقتنع بالسياسة الخارجية للبنان، ويرى وجوب مجاراة أشقائه العرب وأصدقائه في الموقف المندّد بالنظام والمعترف بالفصائل المعارضة، لأنّ من شأن ذلك أن يترك تداعيات سلبية في علاقة لبنان مع أشقائه وأصدقائه، الأمر الذي سينعكس سلباً على الاقتصاد والإستثمار في كل المجالات، وحتى على الجاليات اللبنانية في الخارج، ولا سيما في الخليج، حيث تفيد المعلومات عن حالات كثيرة تصب في خانة عدم تجديد إقامات بعض اللبنانيين وهم بالعشرات لا بل بالمئات.

السابق
غانم: انعقاد لجنة الادارة والعدل سابقة خطيرة
التالي
وصول وزير الطاقة الايراني الى بيروت