14 آذار وخطاب نصرالله: تعبير عن أزمة عميقة

قرأت «قوى 14 آذار» بكثير من السلبية كلام الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله في «يوم الشهيد». ذهب فريق أساسي في المعارضة إلى اعتباره «إعلان طلاق ليس فقط مع الشركاء في الوطن، إنما إعلان طلاق مع الوطن نفسه، عبر إسقاط كل منطق الدولة واحترام أسسها ومقوماتها وتقسيم البلد إلى معسكرين متواجهين لا مكان بينهما لأي وسطية أو تمايز».
بهذا المعنى، استطاع نصر الله بكلامه أن يوحد المعارضة، فكان شبه إجماع في أوساط الحزبيين والمستقلين فيها على اعتباره «تصعيدا وشحنا في لحظة قلق واستعراض عضلات في غير موقعه».
يقول مسؤول في «تيار المستقبل» ان نصر الله الذي أبدى كل الأسباب الموجبة والحقيقية للتخوف من تداعيات الفتنة السنية ـ الشيعية «لم يفعل سوى النفخ في بوقها عبر التحريض ووضع «14» آذار والأميركيين والإسرائيليين في سلة واحدة تستهدف المقاومة وتتآمر عليها وعلى البلد ليعلن أنهم «فشروا». وهذا الأسلوب لا يليق بسياسي.. فكيف برجل دين».
يضيف المسؤول «تفاجأنا بأسلوب السيد نصر الله أكثر من المضمون. فالمضمون نلمسه في الممارسات اليومية. لكن هذا المستوى من الكلام وهذه السخرية في غير مواقعها وهذه الفوقية في التخاطب تعكس كلها أزمة عميقة، وعلى الارجح تحاول أن تخفيها».
لكن قياديا آخر في «المستقبل» يعتبر «الشكل تفصيلا امام المضمون الخطير». ويقول ان «اخطر ما فيه كلامه حول طاولة الحوار ومن يفترض ان يكون اليها او يغيب عنها. لقد افصح السيد نصر الله عن الكامن والمضمر في تفكيره. برأيه يجب ان يغيب الموجودون الى طاولة الحوار عن المشاركة فيها لمصلحة آخرين. وبهذا المنطق لا يهم السيد نصر الله اي تمثيل او حضور شعبي لهؤلاء. ولا يعنيه او يدخل ضمن اعتباراته منطق الانتخابات والصفة التمثيلية للمتحاورين. وهذه خلاصة الفكر الاقصائي».
«المضحك المبكي» بالنسبة الى قيادي في «14 آذار» ان يتحول «حزب الله» اليوم الى مدافع عن الحزب الشيوعي اللبناني «بعد ان كان أحد المساهمين الاساسيين في تحويل الحزب الى انقاض عبر اغتيال كوادره وقيادييه. أكثر من ذلك، وامعانا في تناقضه مع نفسه، لا يقفل السيد حسن على الماضي او يعتذر عنه، بل يختار فتح الدفاتر استنسابيا وينصب نفسه قاضيا وحكما، فيدين ويقاضي ويترفع ويتكارم على الآخرين بالجلوس والتحاور معهم».
يلتقي القياديون في «14 آذار» على خطورة اخرى في خطاب «يوم الشهيد». يتفقون على «ان السيد نصر الله، في اطار شحن جمهوره وارضاء جمهور «التيار الوطني الحر»، استسهل اتهام بعض مسيحيي «14 آذار» في الرغبة باشعال الفتنة بين السنة والشيعة والتحريض عليها. وهذه ليست الا محاولة اخرى من محاولات الشحن والتجييش وتوتير الاجواء».
وقد توقف عدد من مسيحيي «14 آذار» عند هذا الجزء من كلام نصر الله ورأوا فيه «اذكاء للغرائز، كأن الحزب لا يستطيع ان يبقي على حماسة جمهوره وشد عصبه الا عبر اختراع تهديد متواصل وعدو متواصل. لكن الخطير ان يحرض على جزء من المسيحيين، لكونهم من اسباب الفتنة والساعين اليها. وهو بذلك يحاول التعمية على دور حزبه والأكثرية التي ينتمي اليها في الفتنة السنية – الشيعية. ولقد فات السيد نصر الله ان اساس تصاعد مناخ الفتنة رفض «حزب الله» تسليم المتهمين باغتيال الرئيس رفيق الحريري وما تلاها من «سلوكيات 7 ايار» وصولا الى «القمصان السود» التي أطاحت بحكومة يرأسها زعيم الاكثرية السنية في لبنان. والنفخ في بوق الفتنة يتواصل عبر دعم النظام في سوريا في مواجهة الشعب السوري المقهور والمظلوم».
تتسع مروحة الردود على كلام السيد نصر الله وسط «14 آذار». تتداخل فيها التحليلات والاستنتاجات والقراءة بين السطور. ويعتبر احد النواب «ان رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، لم يسلما من «قصف» الامين العام. فهو حين اسقط صفة الوسطية عن جميع اللبنانيين والمسؤولين، انما صوّب على مواقف رئيس الجمهورية، غامزا من انحيازه الى «14 آذار» ، خصوصا بعد قضية «سماحة – المملوك». بالتالي لم يعد سليمان توافقيا ووسطيا يمكن ان يلتقي عنده المختلفون ليتحاوروا وصولا الى الاتفاق على اية دولة يريدون، والادق: هل يريدون الدولة».
يضيف النائب الآذاري: «نجيب ميقاتي ايضا ليس وسطيا في رأي السيد نصر الله، على اعتبار انه ينحاز الى قرارات الحزب عند المفاصل المصيرية ويأتمر بأمره. بالتالي فالبلد مقسوم الى فسطاطين: «اشرف الناس» وسائر الناس الذين عليهم ان يخضعوا لانهم خونة وعملاء وحياتهم واستقرارهم وارزاقهم كلها رهن مسامحة وترفع اشرف الناس».
ليس هذا اقسى الكلام الذي رددته اوساط «14 آذار» امس ردا على مواقف السيد نصر الله في «يوم الشهيد». فقد حفلت النقاشات بمزايدات كلامية وتجريح عام وشخصي مستندين الى «ان البادئ اظلم».
يقول احد النواب «المستقلين» في «14 آذار» انه «تابع السيد نصر الله على امل ان يجد في كلامه منفذا الى مساحة مشتركة يلتقي عندها اللبنانيون ويبنون عليها، لكنه لم يجد ولا حتى بقعة ضوء صغيرة».
يصح هذا الكلام ايضا في ردود «14 آذار» على خطاب «السيد». فمن اين يأتي الضوء او بصيصه حتى؟

السابق
بشرى إلى اللبنانيين: بطاقات “تلكارت” و”كلام” تعود إلى الأسواق خلال 15 يوماً
التالي
صيدا تترقّب انتقام الأسير