مطالبة جنبلاط لا تعني إستقالته

في الوقت الذي كان أمين عام «حزب الله» السيّد حسن نصرالله، يُقفل خلال الخطاب الذي ألقاه لمناسبة يوم الشهيد، الأبواب أمام أي تغيير حكومي، كان بارزاً الموقف الأسبوعي الذي أدلى به رئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط إلى جريدة «الأنباء» الناطقة باسم الحزب التقدمي الإشتراكي، والذي طالب فيه بضرورة التغيير الحكومي، حيث قال صراحة «إنّ الأحداث المتتالية في مدينة طرابلس، واغتيال اللواء وسام الحسن، والتطورات التي شهدتها مدينة صيدا، تؤكد الحاجة إلى مقاربة جديدة قد تكون إحداها التفكير بصيغة حكومية جديدة قادرة على حماية البلد من التوتر السياسي والفتنة».

وأمام هذا التحوّل التدريجي في خطاب جنبلاط، الذي كان رفض في وقت سابق، مطلب قوى الرابع عشر من آذار، المنادي باستقالة الحكومة، هل يمكن القول إنّ تغييراً حكومياً بات وشيكاً؟ وإذا كان ذلك حاصلاً فوفق أية تسوية؟.

وفي هذا المجال، تُشير المعلومات المتوافرة لـ«اللواء»، إلى أنّ موقف جنبلاط، وإن كان متقدّماً، لكنه لم يصل إلى مرحلة تقديم وزرائه الاستقالة من الحكومة، لأنّ جنبلاط لا يزال مقتنعاً بضرورة حصول تسوية سياسية شاملة قبل استقالة الحكومة، منعاً لأي فراغ في البلاد، في ضوء التطورات الأمنية المتسارعة داخلياً وخارجيّاً، ومن هذا المنطلق، تبدو آفاق التغيير الحكومي مسدودة، في ظل تمسّك قوى الثامن من آذار بالحكومة وإصرارها على بقائها، وفق ما أعلن «حزب الله» على لسان أمينه العام السيّد حسن نصرالله، في خطاب أمس الأول.

وفي هذا المجال، تشير أوساط الحزب التقدمي الإشتراكي لـ«اللواء»، إلى أنّ موقف جنبلاط بشأن التغيير الحكومي، لا يعني بأي شكل من الأشكال وجود أي توجّه للاستقالة من الحكومة، للأسباب التي أعلن عنها، وهي التخوّف من الوقوع في الفراغ، لكنّه لا يعني أيضاً رفض جنبلاط بحث أي مسعى جدّي مع كافة الفرقاء من أجل الوصول إلى صيغة توافقية بين مكوني الثامن والرابع عشر من آذار، تؤدي إلى تنفيس حالة الاحتقان السائدة في البلد، وتشدد على أنّ جنبلاط ليس متمسّكاً بالمناصب الوزاريّة، لكنّه في المقابل يعي خطورة الظروف التي يمر فيها لبنان والمنطقة العربية برمّتها، وبالتالي إنّ المصلحة الوطنية تبقى الهمّ الأساسي عند جنبلاط، بعيداً عن حسابات المناصب ومغانم السلطة.

لكن مع ذلك، يبقى السؤال المشروع: ما هي الدوافع التي جعلت «البيك»، الملازم قصر المختارة في هذه الأيّام، يُغيّر، أو بالأحرى، يُعدّل موقفه من الوضع الحالي للحكومة؟

تشير المعلومات في هذا المجال، إلى أنّ تطوّرات المشهد الداخلي والخارجي المتسارعة، هي التي أدّت إلى هذا التبدّل الجنبلاطي، خصوصاً في ضوء التقدّم الذي أحرزته المعارضة السورية، من خلال انضمام معظم أركانها إلى «الإئتلاف الوطني السوري»، هذا فضلاً عن تقدّمها على الأرض مع سيطرتها على مناطق جديدة في سوريا، وأيضاً في ظل تراجع الدعم العربي، وحتى الغربي، لحكومة الرئيس ميقاتي، وذلك من خلال تعمّد المملكة العربية السعودية ضمّ الرئيس سعد الحريري إلى لقائي الملك عبدالله بن عبدالعزيز مع كل من الرئيس فرنسوا هولاند ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون.

وتضيف المعلومات، إنّ الزيارة المفاجئة، التي قام بها وزراء جبهة النضال الوطني، بتكليف مباشر من جنبلاط ، إلى رئيس مجلس النواب نبيه برّي، كانت الغاية الأساسية منها، طرح بعض الخيارات التي يراها جنبلاط الأفضل للخروج من المأزق الحكومي، ومن بين الخيارات التي طُرحت إجراء تعديل وزاري، بحيث تدخل المعارضة مجدداً إلى الحكومة من خلال إعطائها عشرة وزراء، وهو ما يرفضه «حزب الله»، على اعتبار أنّ إعطاء الثلث المعطّل لقوى الرابع عشر من آذار، في ظل الموقف المتذبذب للنائب جنبلاط ، سيغيّر المعادلة برمّتها، أما الخيار الثاني، فيقوم على مبدأ تشكيل حكومة تكنوقراط وحياديين مثلما تطالب قوى الرابع عشر من آذار، وأمّا الخيار الثالث، وهو الأبعد إلى الواقع فيغمز من قناة حكومة الأقطاب، وقد وعد الرئيس برّي ببحث هذه الأفكار مع حلفائه في الثامن من آذار، وعلى رأسهم «حزب الله»، علماً أنّ هذه الأفكار كان قد عرضها جنبلاط على رئيس الجمهورية ميشال سليمان.

وبالتالي، إنّ أي تطوّر بشأن الحكومة ستتبلور معالمه في ضوء الأيام وحتّى الأسابيع المقبلة، أي بعد إنهاء رئيس الجمهورية مشاوراته مع أقطاب الحوار الذين التقى منهم أمس رئيس تكتّل التغيير والإصلاح ميشال عون، وبعد عرض برّي الأفكار الجنبلاطيّة على حلفائه.

السابق
الشرق الأوسط: مصادر رئاسية: عندما يتغير النظام في دمشق سنتعامل مع النظام الجديد
التالي
النهار: مصدر في 14 آذار: سنلبي دعوة سليمان الى الحوار إفرادياً