الديبلوماسية الاميركية غير فاعلة مع ايران

بدأت ادارة الرئيس باراك اوباما منذ فترة الاتصالات السرية من وراء الكواليس مع القيادة الايرانية. ان ما يريده اوباما هو اقناع ايران بالديبلوماسية بأن تطوير السلاح النووي غير مقبول دولياً ولا اقليمياً. وايران في وضع اقتصادي متدهور مع العقوبات الدولية الخانقة للبلد فبامكان هذا البلد المحكوم من قيادة حلمها الهيمنة في المنطقة والتدخل اينما كان ان يبدأ بالتفكير في القبول في تعليق برنامجه النووي العسكري في مقابل الحصول من الولايات المتحدة على رفع العقوبات. الا ان تعليق البرنامج النووي الايراني لا يعني ان ليس بامكان ايران ان تحصل بسرعة على السلاح النووي. ويقول عالم ذرة كندي لـنا ان من يصل الى تخصيب خمسة في المئة من اليورانيوم يصبح مالك التقنية للوصول بسرعة الى السلاح النووي. فاوباما مهتم بالديبلوماسية وليس بالحرب مع ايران الا ان المشكلة ان ايران مهتمة بالحروب والتدخل في شوؤن جيرانها والهيمنة في كل الدول التي لديها وكلاء فيها من لبنان الى العراق والبحرين والخليج. فالحوار الاميركي مع ايران الذي تدعو اليه بعض الاوساط الاعلامية الاميركية سيكون حوار طرشان لا يفهمون الا لغة القوة التي يستخدمونها مع شعبهم في الداخل مثل النظام السوري. ويتساءل الصحافي الاميركي روجر كوهن ماذا نريد من ايران؟

فتح كل منشآتها النووية والتخلص من٢٠ في المئة من اليورانيوم المخصب وانهاء كل التهديدات على اسرائيل ووقف تجاوزات حقوق الانسان وتغيير السياسة مع «حماس» و «حزب الله» واعتماد سياسة اكثر ايجابية بالنسبة لسورية وفي المقابل رفع العقوبات على ايران ووقف العمليات الاستخبارية عليها وازالة الحديث عن تغيير النظام والتحدث عن الدور الاقليمي لايران واعطاءهم الحق بتخصيب ٥ في المئة من اليورانيوم. ان كوهن وضع شروطاً اميركية لانجاح حوار مع ايران هي في الواقع تتطلب تغيير نوع النظام الذي لا يمكن ان يقوم بكل ما نص عليه مقال الصحافي الاميركي. فتاريخ ايران حتى في عهد الشاه هو تاريخ الهيمنة بالقوة في المنطقة. فنظام خامنئي يساند بقوة النظام السوري الساقط عاجلاً او آجلاً وهو يرسل السلاح والمقاتلين على الارض لانه مدرك ان رحيل الاسد سيقطع طريقه الى حلفائه في لبنان ويضعفه اقليمياً. فلماذا سيتخلى خامنئي عن «حزب الله» وهيمنته على سورية والعراق وتدخله في لبنان مقابل رفع العقوبات. فخامنئي غير متأثر بالعقوبات لأن شعبه هو الذي يعاني منها اما القيادة الايرانية فلديها ما تملكه من مال وامكانات لمساعدة حلفائها. فالديبلوماسية الخلاقة التي يدعو اليها كوهن ازاء ايران غير فاعلة مع دولة لا ترى مكاسب الا بالهيمنة والتدخل وليس في مصالح شعبها. فالقيادة الايرانية رغم مصاعبها الاقتصادية والمالية لا تتراجع عن دفع الاموال في لبنان وسورية في حين ان سياساتها افقرت شعبها.

والديبلوماسية الخلاقة كما يطلبها كوهن لا يمكنها ان تخلق نظاماً جديداً لان خامنئي وجماعته لا يفهمون اللغة الديبلوماسية. والمشكلة ايضاً ان لغة الحرب هي خطيرة جداً للمنطقة. فبديل الديبلوماسية هو تشديد الموقف من ممارسات ايران للضغط على النظام حتى يسقط لأن الامل من هذه القيادة مفقود. ان ايران بلد كبير وشعبه عريق ومثقف ولكن النظام الحالي افقره ويبعده تدريجياً عن الثقافة التاريخية التي ميزته. ان ضربة اسرائيل لايران ستكون خطيرة جداً وهي ليست الحل كما ان العمل الديبلوماسي الثنائي الاميركي مع ايران لن يحل المشكلة بل بالعكس. ان لغة التشدد وعزل البلد واضعافه اقتصادياً قد تؤثر على المدى الطويل على نظام ينبغي ان يرحل وألاّ يعطى شرعية في اقامة ديبلوماسية خلاقة معه لانه قد يفهمها بأنها ضعف اميركي تجاه ايران.

السابق
الحياة: فرنسا ترى 14 آذار مخطئة في تركيزها على ميقاتي
التالي
واشنطن تعترف بالائتلاف السوري المعارض