المعادلات الدولية.. تسقُط


المقابلة التلفزيونية التي أجرتها محطة تلفزيون «روسيا اليوم» مع الرئيس بشار الأسد شغلت الأوساط الدولية والإقليمية والعربية لناحية ما تضمنه كلام الرئيس الأسد عن الوضع في سورية منذ تفجّر الأحداث فيها، وانطلاق المؤامرة والحرب الكونية عليها بقيادة الولايات المتحدة الأميركية وبعض الدول الأوروبية وتحديداً فرنسا وبريطانيا، إلى بعض دول الخليج، خصوصاً قطر والسعودية، بالإضافة إلى رأس الحربة المباشرة حكومة العدالة والتنمية التي يتزعمها رجب طيب أردوغان.

وأهمية كلام اللرئيس الأسد في هذه المقابلة، تأتي من تركيزه على أن ما يجري في سورية منذ حوالى 20 شهراً ليس حرباً طائفية كما يشتهي ويريد المخططون لضرب سورية الدولة والمؤسسات والشعب، وتفتيتها خدمة للمشروع الأميركي «الإسرائيلي»، الذي سقطت عنه وعن أدواته ورقة التوت، إنما ما يجري في سورية، هو إرهاب حقيقي بكل معنى الكلمة والجيش السوري وقوات حفظ النظام والقوى الأمنية الأخرى تواجه وتتصدى لمجموعات إرهابية متنوعة في التوجه والعقيدة والخلفية السياسية، ولكن القاسم المشترك في ما بينها هو ضرب النظام والدولة، لمصلحة المشروع الأميركي ـ «الإسرائيلي» من جهة، ومحاولة هذه التنظيمات الإرهابية، وتحديداً التي تحمل أفكاراً هدامة ومتطرفة ووهابية، لإقامة دولة إسلامية أو إمارة إسلامية شبيهة إلى حد كبير بمرحلة تولي «طالبان» الحكم في أفغانستان، والتنظيمات الإرهابية التكفيرية التي تقوم بتنفيذ هذا المشروع الأميركي ـ «الإسرائيلي» تتمثل في تنظيم «القاعدة» وتنظيمات أخرى أصولية، ذات جذور تكفيرية، ولذلك جاء تركيز الرئيس الأسد على أن ما تشهده سورية هو إرهاب حقيقي. يتطلب من الدول والجهات والقوى الإقليمية، أن تتخذ المواقف الجدية وليس المواقف الازدواجية، ففي بعض البلدان كاليمن وأفغانستان وباكستان والصومال ودول أخرى، تتصدى الولايات الأميركية لتنظيم القاعدة، من خلال العمليات الجوية ضد مقاتلي هذا التنظيم في تلك البلدان، في حين إنها في سورية تشجع التنظيمات الإرهابية على ضرب البنى التحتية وتخريب وتدمير المؤسسات الخدماتية والاقتصادية بالإضافة طبعاً إلى مواجهتها للجيش السوري والقوى الأمنية الأخرى ناهيك عن العمليات الانتحارية التي تستهدف المواطنين السوريين في أكثر من منطقة.

وترى مصادر سياسية، أن الرئيس الأسد في المقابل، ركز على موضوع الحوار، مع إشارته إلى أن بعض التنظيمات الإرهابية الموجودة على الأرض السورية، لا تؤمن في الأساس بمبدأ الحوار، لأن أفكارها تدميرية، وثقافتها القتل وليس الحوار، مع العلم أن الدولة السورية كانت منذ اللحظة الأولى لانطلاق شرارة الأحداث، تنادي بالحوار بين جميع القوى السياسية والحزبية المعارضة، ولكن ما يسمى بالمعارضات السورية، كانت ترفض ذلك باستمرار وتصر على رحيل النظام والرئيس الأسد قبل أي حوار، وهذا الأمر محكوم بالفشل وهو ما أثبتته الأحداث حتى اليوم.

وأشارت المصادر السياسية أيضاً إلى أن الرئيس الأسد وجّه رسالة واضحة إلى كل من يعنيهم الأمر، مفادها أن أي حرب خارجية على سورية، سيكون لها تبعات خطيرة وتأثير سلبي على دول العالم، وليس على دول المنطقة فقط، وأنه ليس من السهولة بمكان، شن أي حرب على سورية، لأن استقرار المنطقة بأسرها مرتبط باستقرار سورية، ولذلك ممنوع المسّ بأمنها واستقرارها.
وعادت المصادر السياسية بالذاكرة إلى كلام للرئيس الراحل حافظ الأسد حول أهمية سورية ودورها، حين قال في وقت من الأوقات، إن العمق الاستراتيجي لسورية هو محيطها القومي في المنطقة، والرئيس بشار الأسد يتحدث اليوم بنفس اللغة والتوجه، وأي تشظٍ لسورية، سيؤدي إلى تشظي كل العالم.

وحذرت المصادر السياسية من قيام أفغانستان جديدة على ضفاف المتوسط، فهذا سيؤدي إذا حصل إلى أمر من ثلاثة، إما الفوضى أو التقسيم، أو قيام حكم متطرف، وهذا التوجه أو الاحتمال لن تسمح القيادة السورية بنجاحه، ولا الدول الصديقة والحليفة لها في المنطقة والعالم، لأن ذلك سينعكس حكماً بصورة سلبية على دول الجوار، وأبعد من دول الجوار، وهذا الواقع سيكون برسم الدول صاحبة المشروع التآمري على سورية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأميركية.

السابق
عباس: السلطة الفلسطينية ستقدم طلب العضوية الى الامم المتحدة في 29 من الجاري
التالي
الديار: عون في بعبدا اليوم