هل يغير كاميرون خيار اوباما السوري ؟

الرئيس بشار الأسد يستبعد ما هو مستبعد في الغرب الأميركي والأوروبي ولم يكن وارداً في الأصل لأسباب معلنة وأخرى مكتومة: حدوث تدخل عسكري غربي في سوريا التي يصفها بأنها القلعة الأخيرة للعلمانية والتعايش في المنطقة. وهو يحذر من أن هذا التدخل، اذا حدث، له انعكاسات زلزالية في المنطقة، وحتى في العالم بين المحيط الأطلسي والمحيط الهادئ.

لكن خيارات الغرب في حرب سوريا ليست جامدة، ولا محصورة في حدين: إما التدخل العسكري المباشر، وإما الاكتفاء باللعب غير المباشر تحت سقف حدده الرئيس باراك اوباما بسياسة القيادة من الخلف. فالمروحة واسعة بين الحدين لخيارات كثر الكلام عليها وبقي كلاماً. بعضها له أشكال عسكرية، وبعضها الآخر سياسي يحتاج الى صفقة مع الروس ضمن اللعبة مع ايران، حيث المزيج من العقوبات وفتح الباب أمام التفاوض على تسوية والتلويح بالضربة العسكرية لمنعها من امتلاك سلاح نووي.
وما يحدث بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية هو العودة الى التفكير في مروحة الخيارات، سواء كان السباق الرئاسي هو السبب أو المبرر لمحدودية الفعل. وليس من المفاجآت أن يعلن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون انه يعيد درس الخيارات التي كانت مطوية على الطاولة، تمهيداً للبحث مع الرئيس أوباما في ايجاد سبل لإنهاء الصراع في سوريا. فهو على خطى أسلافه في كون لندن المحرك للآلة الضخمة في واشنطن: تشرشل مع روزفلت في الحرب العالمية الثانية. تاتشر مع بوش الأب في عاصفة الصحراء. وطوني بلير مع بوش في غزو العراق.
لكن المسألة هي حسابات أوباما. والسؤال هو: الى أي حدّ يمكن أن تتغيّر أو تستمر في الولاية الثانية؟ البروفسورة ماري آن سلوتر التي تحمّست لأوباما وعملت في الولاية الأولى مديرة للتخطيط السياسي في الخارجية تقول انه لا أحد في المكتب البيضوي يتحدث عن الشعب السوري. فالرئيس تعامل مع الصراع في سوريا ضمن تصوّره لأبقاء أميركا سالمة، لكنه يتجاهل الجذور العميقة للأمن القومي التي كان فهمها واضحا في خطاب القاهرة. وليس في سوريا خيارات جيّدة بل خيار بين السيّئ والأسوأ، لكن أوباما اختار الأسوأ لسوريا والمنطقة وأميركا.
ولا أحد يعرف ان كان كاميرون يستطيع اخراج أوباما من هذا الخيار. فالأولويات الداخلية ضاغطة على الرئيس الديمقراطي المحتاج الى صفقة مع الجمهوريين. وهو في السياسة الداخلية والخارجية افتقر الى النظرة الاستراتيجية. واذا كان يستطيع أن يأتي بمفكّرين استراتيجيين لمعاونته، فان الباقي هو القدرة على الحسم في الخيار. وهذا هو التحدّي والسؤال المفتوح في الولاية الثانية.

السابق
غدي فرنسيس مخطوفة في سوريا ..فمحررة
التالي
الأسد.. علماني يعيش ويموت في سوريا